للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القاسم بن سلام: (دخلت البصرة لأسمع من "حماد بن زيد"، فإذا هو ميت، فشكوت ذلك إلى "ابن مهدي"، فقال لي: "مهما سُبِقْتَ، فلا تُسْبَقَنَّ بتقوى الله").

وكان مالك بن يخامر السكسكي من تلاميذ معاذ بن جبل رضي الله عنه، وقد عاش ما عاش ناقلاً من روح معاذ إلى روحه، ومن قلب معاذ إلى قلبه، ومن عقل معاذ وإيمانه إلى عقله وإيمانه، فلما حضرت معاذا لوفاةُ بكى، فقال له معاذ: "ما يُبكيك؟ "، قال: "والله ما أبكي على دنيا كنتُ أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أستفيدهما منك"، فأجابه معاذ وهو يجود بروحه:

ْ "إن العلم والِإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما".

- ولما حج أبو بكر السمعاني والسِّلَفُّي ظفرا بأبي مكتوم عيسى بن أبي ذر، فتهاونا، فسارع في النفر الأول، ورجع إلى موطنه سراة بني شبابة، وفاتهما، فتحزَّن تاج الِإسلام أبو بكر، فأخذ السلفي يُسَلّيه، ويقول: (ما كان معه سوى "صحيح البخاري"، وأنت في إسناده مثله).

- واقتنى الشيخ جمال الدين بن القفطي نسخة حميلة من كتاب "الأنساب" للسمعاني حُرِّرت بيد المؤلف، إلا أن فيها نقصًا، وبعد الاطِّلاب المديد، والافتقاد الطويل حصل على الناقص، إلا على أوراق بلغه أن قلانسيًّا قد استعملها في شغله، وجعلها قوالب للقلانس، فضاعت، فتأسف غاية التأسف على هذا الضياع، حتى كاد يمرض، وامتنع أيامًا عن خدمة الأمير في قصره، فصارت عِدَّة من الأفاضل والأعيان يزورونه تعزية له، كأنه قد مات أحدُ أقاربه المحبوبين.

***

<<  <   >  >>