للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم يتحوَّز يريد الكلام، فقال عمر: "كبِّروا كبروا"، فقال الفتى: "يا أمير المؤمنين إن الأمر ليس بالسن، ولو كان كذلك كان في المسلمين من هو أسنُّ منك"، قال: "صدقت، فتكلم".

قال الشاعر في خلاف هذا المعنى:

إنما الهُلْكُ أن يُساسوا بِغِرٍّ ... لم تُعِرْه الأيام رأيًا وثيقا

* وحكى المسعودي في "شرح المقامات" أن المهدي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية وهو صبي، وخلفه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة، وإياس يقدمهم، فقال المهدي: "أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ "، ثم إن المهدي التفت إليه، وقال: "كم سنك يا فتى؟ "، فقال: سني -أطال الله بقاء الأمير-: سن أسامة بن زيد بن حارثة لما ولَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا فيهم أبو بكر وعمر فقال له: "تقدم بارك الله فيك".

* وذكر الخطيب في "تاريخ بغداد": أن يحيى بن أكثم ولي قضاء البصرة وسِنُّه عشرون سنة أو نحوها، فاستصغروه، فقالوا: "كم سن القاضي؟ فقال: "أنا أكبر من عتَّاب بن أَسِيد الذي وجه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاضيًا على أهل مكة يوم الفتح (١)، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به رسول - صلى الله عليه وسلم - قاضيًا على أهل اليمن وأنا أكبر من كعب بن سويد الذي وجه به عمر بن الخطاب قاضيًا على البصرة، فجعل جوابَه احتجاجًا له.

* وقال أبو اليقظان: ولَّى الحجاج محمد بن القاسم بن محمد بن


(١) كانت سِنُّه رضي الله عه وقتئذ خمسًا وعشرين سنة.

<<  <   >  >>