لقد كان يسبي القلبَ في كل ليلة ... ثمانون بل تسعون نفسًا وأرجحُ
يهيم بهذا ثم يألف غيره ... ويسلوهم من فوره حين يصبح
وقد كان قلبي ضائعًا قبل حبكم ... فكان بحب الخلق يلهو ويمرح
فلما دعا قلبي هواك أجابه ... فلست أراه عن خبائك يبرح
وكم مشتر في الخلق قد سام قلبه ... فلم يره إلا لحبك يصلح
هوى غيركم نارٌ تلظى ومحبس ... وحبكم الفردوس أو هو أفسحُ
فيا ضَيمَ قلب قد تعلق غيركم ... ويا رحمة مما يجول ويكدح (١)
(والنفس في طلب مرادها مترقية متسامية، تطلب الأكمل والأفضل، والكمال كله والفضل كله حازته الذات الإلهية، فإذا وجَّه الإنسانُ قصده وهمته لغير فاطره، فإنه يشقى ولا بد، لأن همومه تتعدد، وغاياته تتشتت، فإذا لم يكن هم العبد همًّا واحدًا تقاسمته هموم الدنيا، فعند ذلك لا يدري إلى أين يسير؟ ولا كيف يتجه؟ فمرة يُشَرِّقُ، ومرة يُغَرِّبُ، ومرة يعبد صنمًا، وأخرى شمسًا وقمرًا، ويحاول إرضاء هذا مرة، وذاك مرة، والذى رضي عنه قد يغضب عليه، والذي زيَّن له العمل قد يستقبحه منه بعد حين، فيئول الأمر به إلى الصراع، والقلق الروحي، والعقد النفسية، وقد ينتهي به إلى الانتحار.
أما المسلم فغايته واحدة، ومنهجه الذي يؤدى إلى هذه الغاية واحد،
وهو قادر على أن يرضي الله، ويسير على هداه، وبذلك تتوحد همته، ويتحقق مطلوبه، وفي ذلك يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت نيته