للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له أن يطلب الغاية في العلم.

ومن أقبح النقص: التقليد، فإن قويت همته رقته إلى أن يختار لنفسه مذهبًا، ولا يتمذهب لأحد، فإن المقلد أعمى يقوده مقلده.

ثم ينبغي له أن يطلب الغاية في معرفة الله تعالى ومعاملته، وفي الجملة لا يترك فضيلة يمكن تحصيلها إلا حصلها، فإن القنوع حالة الأراذل:

فكن رجلًا رِجله في الثرى ... وهامة همته في الثريَّا

ولو أمكنك عبور كل أحد من العلماء والزهاد فافعل، فإنهم كانوا رجالًا، وأنت رجل (١)، وما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة وخساستها.

واعلم أنك في ميدان سباق، والأوقات تنتهب، ولا تخلد إلى كسل، فما فات من فات إلا بالكسل، ولا نال من نال إلا بالجد والعزم.

وإن الهمة لتغلي في القلوب غليان ما في القدور، وقد قال بعض من سلف:

ليس لي مال سوى كرِّي ... فبه أحيا من العدم

قَنِعَت نفسي بما رُزِقت ... وتمطَّت في العُلا هممي) (٢) اهـ.

ومن غليان الهمة فٍى الصدور يفزع صاحبها إلى المجد فزعًا:

إذا ذُكِرَ المجدُ ألفيتَه ... تأزَّر بالمجد ثم ارتدى


(١) وقد قيل: "ليس كلمة أضرَّ بالعلم من قولهم: "ما ترك الأول للآخر"، لأنه يقطع الآمال عن العلم، ويحمل على التقاعد عن التعلم، قالوا: وليس كلمة أحضَّ على طلب العلم من قول علي رضي الله عنه: "قيمة كل امرىء ما يحسن")، وانظر: "قواعد التحديث" للقاسمي ص (٣٨ - ٣٩).
(٢) "صيد الخاطر" (١٨٩ - ١٩٢).

<<  <   >  >>