للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برجال (١) إنما هم فَحْمٌ مِن فحم جهنمَ، أو لَيكُوننَّ أهونَ على الله من الجُعْلانِ (٢) التي تدفع النتن (٣) بأنفها" (٤).

وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له، وقد التفت نحو المدينة: "إن أهل بيتي هؤلاء يَرَوْنَ أنهم أوْلى الناس بي، وإن أولى الناس بي المتقون، مَن كانوا، وحيث كانوا" الحديث (٥).

فالحزم اللائق بالنسيب: أن يتقي الله تعالى، ويكتسب من الخصال الحميدة ما لو كانت في غير نسيب لكفته، ليكون قد زاد على الزُّبْدِ شَهدًا، وعلَّق على جِيْدِ الحسناء عِقْدًا، ولا يكتفي: لمجرد الانتساب إلى جدودٍ سَلَفُوا، ليقال له: "نِعْمَ الجدودُ، ولكن: بئس ما خلفوا" وقد ابتلي كثير من الناس بذلك، فترى أحدهم يفتخر بعظم بالٍ وهو عري -كالإبرة- من كل كمال، ويقول: "كان أبي كذا وكذا"، وذاك وصف أبيه، فافتخاره به نحو افتخار الكوسج (٦) بلحية أخيه، ومن هنا قيل:


(١) أي: بآبائهم وأجدادهم الذين ماتوا على الكفر، ومعاندة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فعذبهم الله بذلك، وجعلهم لهبًا وحطبًا ووقودًا لجهنم.
(٢) الجعلان جمع جُعَل: دويبة أرضية.
(٣) وفي لفظ الترمذي: (أو ليكونن أهون على الله من الجُعَل الذي يُدَهْدِهُ) - أي: يدحرج (الخُرْءَ بأنفه).
(٤) رواه أبو داود، والترمذي، وحسنه، والبيهقى، واللفظ له، وحسنه المنذري
في "الترغيب" (٣/ ٦١٤).
(٥) قطعة من حديث أخرجه الإمام أحمد، والطبراني في "الكبير"، وصححه ابن
حبان (الإحسان: رقم ٦٤٧).
(٦) الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه.

<<  <   >  >>