للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا اللَّقَبِ مِنَ الطَّائفتَيْنِ، وَذِكْرِ أوَّلِ مَنْ لقب بِهِ أهْلَ السُّنَّةِ مِنْ أهْلِ البِدَعِ:

وَمِنَ العَجائِبِ قَوْلهُمْ لِمَنِ اقْتَدى ... بالوَحْي منْ أثَرٍ وَمِنْ قُرْآنِ

حَشْوِيَّة يَعْنونَ حَشْوا في الوُجو ... د وفَضْلَةً في أمَّةِ الإِنْسانِ

وَيَظُنُّ جاهِلُهمْ بِأنَّهُمُ حَشوا ... رَبّ العِبادِ بداخلِ الأكْوان

إذْ قَوْلُهُمْ فَوْقَ العِبادِ وَفي السَّما ... ء الرَّبُّ ذُو المَلَكوتِ والسُّلْطانِ

ظَنَّ الحَمِيْرُ بأنَّ "فِي" لِلظَّرفِ وال ... رحمنُ مَحْوِيّ بِظَرْفِ مَكانِ

وَاللهِ لمْ يُسْمَعْ بذَا من فرْقَةٍ ... قَالَتْهُ في زَمَنٍ مِنَ الأزْمانِ

لا تَبْهَتوا أهْلَ الحديثِ بِهِ فَما ... ذَا قَوْلهم تَبًّا لِذي البُهْتانِ

بَلْ قَوْلُهُم: إِنَّ السَّماواتِ العُلا ... في كَفِّ خالقِ هَذِهِ الأكْوانِ

حَقّا كَخَرْدَلَةٍ تُرى في كَفِّ ... ممسِكِها تَعالى الله ذُو السُّلْطانِ

أَتُرَوْنَهُ المَحْصورَ بَعْدُ أم السّما؟ ... يا قَوْمَنا ارْتَدِعوا عَنِ العُدْوانِ

كَمْ ذَا مُشَبِّهَة وَذا حَشْوِيَّة ... صرف بلا جحد ولا كتمان

تدْرونَ مَنْ سَمَّتْ شُيوخكمُ ... بِهذا الاسم في الماضي مِنَ الأزْمانِ

سمى بِهِ عمرو لعَبد اللهِ (١) ذا ... ك ابن الخَليفةِ طارِدِ الشيطانِ

فوَرِثتم عَمروا كما وَرِثوا لِعَبد الله ... أنَّى يسْتوي الإرثانِ

تَدْرونَ مَنْ أَولى بِهَذَا الاسمِ ... وَهو مُناسِبٌ أحواله بِوِزانِ

مَنْ قَدْ حَشا الأوراقَ والأذْهانَ مِنْ ... بِدَعٍ تُخالِفُ مقتضى القرآن

هَذَا هو الحشوِيُّ لا أهلُ الحَديثِ ... أئمَّةُ الإِسْلامِ والإِيْمانِ

ورَدوا عذَاب مَناهل السّنَنِ التي ... لَيْسَتْ زبالَةُ هَذِهِ الأذهانِ

ووَرَدتُمُ القَلُّوطَ (٢) مَجْرى كُلِّ ذِي ال ... أوساخ والأقذارِ والأنْتانِ

وَكسلْتم أنْ تَصْعدوا لِلورْدِ من ... أثر الشرائع خَيْبةَ الكَسلانِ


(١) عمرو هو ابن عبيد رأس المعتزلة، وعبد الله هو ابن أمير المؤمنين عمر. انظر (المنتقى من منهاج الاعتدال) طبع السلفية ص ٦٣.
(٢) القلوط وتسمية العامة قليط: مجرى ماء في دمشق؛ تنحدر إليه مياه المطابخ والحمامات والمراحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>