للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما إذا عمل المسلم العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته، واستبشر بذلك لم يضرَّه ذلك، فقد سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يعمل العمل لله من الخير، ثم يحمدهُ الناس عليه، فقال: ((تلك عاجل بُشرَى المؤمن)) (١).

[* المسلك السادس: أسباب الرياء ودوافعه]

أصل الرياء حبّ الجاه والمنزلة، ومن غلب على قلبه حُبّ هذا صار مقصور الهَمِّ على مراعاة الخلق، مشغوفًا بالترّدد إليهم، والمراءاة لهم، ولا يزال في أقواله وأفعاله وتصرّفاته ملتفتًا إلى كل ما يعظِّم منزلته عند الناس، وهذا أصل الداء والبلاء؛ فإن من رغب في ذلك احتاج إلى الرياء في العبادات، واقتحام المحظورات.

وهذا باب غامض لا يعرفه إلا العلماء بالله، العارفون به، المحبون له.

وإذا فُصِّل هذا السبب والمرض الفتاك رجع إلى ثلاثة أصول:

أولاً: حب لذّة الحمد والثناء والمدح.

ثانياً: الفرار من الذمّ.

ثالثاً: الطمع فيما في أيدي الناس (٢).

ويشهد لهذا ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياءً فأيُّ ذلك في سبيل الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا


(١) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، ٤/ ٢٠٣٤، برقم ٢٦٤٢.
(٢) انظر: مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، ص٢٢١ - ٢٢٢.

<<  <   >  >>