للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعلمُهُ فكتمه أُلجِمَ يوم القيامة بلجامٍ من نار)) (١).

ثامناً: التشبه بالكفار وتقليدهم من أعظم ما يُحدث البدع بين المسلمين، ومما يدل على ذلك حديث أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين، ونحن حديثو عهدٍ بكفر، وكانوا أسلموا يوم الفتح، قال: فمررنا بشجرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط؟ وكان للكفار سدرة يعكفون حولها، ويعلِّقون بها أسلحتهم، يدعونها ذات أنواط، فلما قلنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الله أكبر وقلتم، والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (٢)، لتركبنَّ سنن من كان قبلكم)) (٣)، وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن التشبه بالكفار هو الذي حمل بني إسرائيل على أن يطلبوا هذا الطلب القبيح، وهو الذي حمل أصحاب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - على أن يسألوه أن يجعل لهم شجرة يتبَّركون بها من دون الله - عز وجل -، وهكذا غالب الناس من المسلمين،


(١) الترمذي، في كتاب العلم، باب ما جاء في كتمان العلم، ٥/ ٢٩، برقم ٢٦٤٩، وأبو داود، في العلم، باب كراهية منع العلم، ٣/ ٣٢١، برقم ٣٦٥٨، وابن ماجه، في المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه، ١/ ٩٨، برقم ٢٦٦، ومسند أحمد، ٢/ ٢٦٣، ٣٠٥، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، ٢/ ٣٣٦، وصحيح سنن ابن ماجه، ١/ ٤٩.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٣٨.
(٣) أخرجه بلفظه، أبو عاصم في كتاب السنة، ١/ ٣٧، برقم ٧٦، وحسن إسناده الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة، المطبوع مع كتاب السنة، ١/ ٣٧، وأخرجه الترمذي بنحوه، في كتاب الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم، ٤/ ٤٧٥، برقم ٢١٨٠، وقال: ((هذا حديث حسن صحيح))، وانظر: النهج السديد في تخريج أحاديث تيسير العزيز الحميد، لجاسم بن فهيد الدوسري، ص٦٤ - ٦٥.

<<  <   >  >>