للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٣ - الذنوب تذهب الحياء من القلب، وهو أصل كلّ خير، وذهابه ذهاب الخير كله، فعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الحياءُ خير كله) أو قال: ((الحياءُ كله خير)) (١).

وعنه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) (٢).

والمقصود أن الذنوب تضعف الحياء عند العبد حتى ربما انسلخ منه بالكليّة، فلا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله، ولا باطلاعهم عليه، بل كثير من أهل المعاصي يخبر عن حاله وقبح ما يفعل، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحال لم يبق في صلاحه مطمع (٣)، وهذا ينطبق عليه أحد المعنيين لحديث أبي مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنعْ ما شئت)) (٤)، وهذا الحديث له تفسيران:

التفسير الأول: أنه للتهديد والوعيد، والمعنى من لم يستح فإنه يصنع ما شاء من القبائح؛ لأن الحامل على تركها الحياء، فإذا لم يكن هناك حياء يردعه عن القبائح وقع فيها، وهذا المعنى هو المشهور.

التفسير الثاني: أن الفعل إذا لم تستح من الله من فعله فافعله وإنما ينبغي تركه هو ما يستحي منه من الله، فالمعنى الأول تهديداً كقوله تعالى: {اعْمَلُوا


(١) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٤، برقم ٣٧.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب الحياء، ٧/ ١٣٠، برقم ٦١١٧، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٤، برقم ٣٧.
(٣) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم، ص١٣١ - ١٣٣.
(٤) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، بابٌ، ٤/ ١٨٣، برقم ٣٤٨٣.

<<  <   >  >>