للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أمره، ما بيّنه تعالى بقوله: {ضَرَبَ الله مَثَلًا رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (١).

فهذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك والموحِّد، فالمشرك لمّا كان يعبد آلهة شتى شُبِّهَ بعبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون، سيئة أخلاقهم، يتنافسون في خدمته، لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، فهو في عذاب.

والموحِّد لمّا كان يعبد الله وحده لا شريك له، فمثله كمثل عبد لرجل واحد، قد سلم له، وعلم مقاصده، وعرف الطريق إلى رضاه، فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه واختلافهم، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه، مع رأفة مالكه به، ورحمته له، وشفقته عليه، وإحسانه إليه، وتوليه لمصالحه، فهل يستوي هذان العبدان؟ والجواب: كلا، لا يستويان أبدًا (٢).

عاشراً: الذي يستحق العبادة وحده من يملك القدرة على كل شيء، والإحاطة بكل شيءٍ، وكمال السلطان والغلبة والقهر والهيمنة على كل شيءٍ، والعلم بكل شيء، ويملك الدنيا والآخرة، والنفع والضر، والعطاء والمنع بيده وحده، فمن كان هذا شأنه فإنه حقيق بأن يُذكَر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ويُطاع فلا يُعصى، ولا يُشرك معه غيره (٣).


(١) سورة الزمر، الآية: ٢٩.
(٢) انظر: تفسير البغوي ٤/ ٧٨، وابن كثير ٤/ ٥٢، والتفسير القيم، لابن القيم، ص٤٢٣، وفتح القدير للشوكاني، ٤/ ٤٦٢، وتفسير السعدي، ٦/ ٤٦٨، وتفسير الجزائري، ٤/ ٤٣.
(٣) انظر: تفسير البغوي، ١/ ٢٣٧، ٣/ ٧١، ٢/ ٨٨، ٣٧٢، وتفسير ابن كثير، ١/ ٣٠٩، ٢/ ٥٧٢،
٣/ ٤٢، ٢/ ١٢٧، ٤٣٥، ٥٧٠، ١/ ٣٤٤، ٢/ ١٣٨، وتفسير السعدي، ١/ ٣١٣، ٧/ ٦٨٦،
٢/ ٣٨١، ٣/ ٣٩٧، ٤/ ٢٠٤، ٦/ ٣٦٤، ١/ ٣٥٦، ٢/ ٣٧٢، وأضواء البيان، ٢/ ١٨٧، ٣/ ٢٧١.

<<  <   >  >>