للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف (١).

١٦ - المعاصي تُصغّر النفوس، وتقمعها، وتدسِّيها، وتحقِّرها حتى تصير أصغر شيء وأحقره، كما أن الطاعة تنميها وتزكيها، وتكبِّرها، قال الله - عز وجل -: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (٢)، والمعنى قد أفلح من كبَّرها وأعلاها بطاعة الله، وأظهرها، وقد خاب وخسر من أخفاها، وحقَّرها وصغَّرها بمعصية الله، فالطاعة تُكبر النفوس وتُعزّها وتُعليها حتى تصير أشرف شيء وأكبره وأزكاه وأعلاه، فما كبَّر النفوس وشرّفها، ورفعها، وأعزّها مثل طاعة الله، وما صغّر النفوس وأذلّها، وحقّرها مثل معصية الله - عز وجل - (٣).

١٧ - خسف القلب ومسخه، وعلامة خسف القلب أنه لا يزال جوّالاً حول السفليات والقاذورات والرذائل، كما أن القلب الذي رفعه الله وقرَّبه إليه لا يزال جوالاً حول العرش، وأما مسخ القلب، فإن من القلوب ما يمسخ بسبب المعاصي كما تمسخ الصورة فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه، وأعماله، وطبيعته، فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير، لشدة شبه صاحبه به، ومنها ما يمسخ على قلب كلب، أو حمار، أو حية، أو عقرب، ومن الناس من يكون على أخلاق السباع العادية، ومنهم من يتطوس في ثيابه كما يتطوس


(١) الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٤٧.
(٢) سورة الشمس، الآيتان: ٩ - ١٠.
(٣) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، ص١٤٩.

<<  <   >  >>