للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة، أو تعوقه أو توقفه وتقطعه عن السير، فالذنب إما أن يُميت القلب، أو يُمرضه مرضاً مخوِّفاً، أو يُضعف قوته ولابد، حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَعِ الدين، وغَلَبةِ الرجال)) (١)، والمقصود أن الذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لهذه الثمانية، كما أنها من أقوى الأسباب الجالبة لـ: ((جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)) (٢)، ومن أقوى الأسباب الجالبة لـ: ((زوال نعمة الله، وتحول عافيته، وفجأة نقمته، وجميع سخطه)) (٣).

٦ - تحجب القلب عن الربّ في الدنيا، والحجاب الأكبر يوم القيامة، كما قال الله - عز وجل -: {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (٤)، فكانت الذنوب حجاباً بينهم وبين قلوبهم، وحجاباً بينهم وبين ربهم وخالقهم (٥).


(١) متفق عليه من حديث أنس - رضي الله عنه -: البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال،
٧/ ٢٠٣، برقم ٦٣٦٣، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من العجز والكسل، ٤/ ٢٠٧٩، برقم ٢٧٠٦.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء، ٧/ ١٩٩، برقم ٦٣٤٧، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، ٤/ ٢٠٨٠، برقم ٢٧٠٧.
(٣) مسلم، كتاب الذكر والدعاء،٤/ ٢٠٩٧،برقم ٢٧٣٩، وانظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٤٠.
(٤) سورة المطففين، الآيتان: ١٤ - ١٥.
(٥) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم، ص٢١٥.

<<  <   >  >>