للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفوقها ظلمة الكفر، وفوق ذلك ظلمة الجهل، وفوق ذلك ظلمة الأعمال الصادرة عما ذكر، فبقوا في الظلمة متحيّرين، وفي غمرتهم يعْمَهُون، وعن الصراط المستقيم مُدبرون، وفي طرق الغي والضلال يتردّدون، وهذا؛ لأن الله خذلهم فلم يُعطِهم من نوره)) (١).

وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله كلاماً نفيساً بعد أن فسَّر الآيات من قول الله تعالى: {الله نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} إلى قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}، هذا مضمونه: فانظر كيف تضمنت هذه الآيات طوائف بني آدم كلّهم أتمّ انتظام، واشتملت عليهم أكمل اشتمال؛ فإن الناس قسمان:

القسم الأول: أهل الهدى والبصائر الذين عرفوا أن الحق فيما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الله، وأن كل ما عارضه فشبهات تشتبه على من قلّ نصيبه من العقل والسمع ... وهؤلاء هم أهل الهدى ودين الحق، أصحاب العلم النافع والعمل الصالح.

[القسم الثاني: أهل الجهل والظلم، وهؤلاء قسمان:]

١ - الذين يحسبون أنهم على علم وهدى، وهم أهل الجهل المركب الذين يجهلون الحق ويعادونه ويعادون أهله، وينصرون الباطل ويوالونه ويوالون أهله، وهم يحسبون أنهم على شيء {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.

٢ - أصحاب الظلمات، وهم المنغمسون في الجهل، بحيث قد أحاط


(١) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٥١٩.

<<  <   >  >>