للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطاعات والمعاصي هيئات راسخة، وصفات لازمة، فلو عطَّل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت حتى يعود إلى الطاعة، ولو عطل المجرم المعصية، وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاق صدره حتى يعاود المعصية (١)، فعلى المسلم أن يُقبل على الطاعة، ويترك المعصية، ويسأل الله - عز وجل - أن يُحبِّب إليه الإيمان، ويزيّنه في قلبه، ويكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، ويجعله من الراشدين.

٢١ [٢] تَحْرِمُ الطاعة وتُثَبِّطُ عنها، فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصدّ عن طاعة، وتكون بدله، ويقطع طريق طاعة أخرى، لكان كافياً في ضرره، فالمعاصي تحرم الطاعات، وتقطع طرق الأعمال الصالحة (٢).

٢٢ [٣] المعصية سبب لهوان العبد العاصي على الله وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري رحمه الله: ((هانوا عليه فعصوه، ولو عزّوا عليه لعصمهم)) (٣)، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله - عز وجل -:

{وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} (٤)، ولو عظَّمهم الناس في الظاهر خوفاً من شرهم، أو لحاجتهم إليهم، فإنهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه (٥).

٢٣ [٤] تُدخل الذنوب العبد تحت لعنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لعن على معاصٍ وغيرها أكبر منها، فهي أولى بدخول فاعلها تحت اللعنة، فلعن:


(١) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٠٨.
(٢) انظر: الجواب الكافي، ص١٠٦، ٢١٢.
(٣) المرجع السابق، ص١١٢.
(٤) سورة الحج، الآية: ١٨.
(٥) الجواب الكافي، لابن القيم، ص١١٢.

<<  <   >  >>