للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاختيال الذي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة، والاختيال الذي يبغض الله - عز وجل - الخيلاء في الباطل)) (١)، والمقصود بالغيرة في الريبة: الغيرة في مواضع التهمة والتردّد، فتظهر فائدتها، وهي الرهبة والانزجار، وإن كانت الغيرة بدون ريبة فإنها تورث البغض والفتن (٢)، والاختيال في الصدقة أن يكون سخياً، فيعطي طيبة بها نفسه، فلا يستكثر كثيراً، ولا يعطي منها شيئاً إلا وهو مستقلّ، وأما الحرب: فأن يتقدم فيها بنشاط وقوة وعدم جبن (٣).

والمقصود أن المعاصي كلما اشتدّت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه، وأهله، وعموم الناس، وقد تضعف في القلب جداً حتى لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه، ولا من غيره، وإذا وصل إلى هذا الحدّ، فقد دخل في باب الهلاك؛ ولهذا كان الدّيوث من أخبث الخلق، والجنة حرام عليه؛ لأنه لا غيرة له؛ ولهذا رضي بالسوء في أهله، وهذا يدلّ على أن أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب وتحمي له الجوارح، وتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب، فتموت له الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة، وهذا يبين أهمية الغيرة ومكانتها (٤).


(١) النسائي، كتاب الزكاة، باب الاختيال في الصدقة، ٥/ ٧٨، برقم ٢٥٥٨، وأحمد في المسند،
٥/ ٤٤٥، وله شاهد عند ابن ماجه، برقم ١٩٩٦، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والحديث حسنه الألباني بطرقه في إرواء الغليل، ٧/ ٥٨، برقم ١٩٩٩.
(٢) انظر: حاشية السندي على سنن النسائي، ٥/ ٧٩.
(٣) انظر: شرح السيوطي على سنن النسائي، ٥/ ٧٩.
(٤) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٣٠ - ١٣١.

<<  <   >  >>