للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّهَا} (١)، فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء (٢)، وقد ثبتت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إثبات صفة النور والفعل لله - عز وجل -، وأنه نور السموات والأرض وما فيهما، ومُنوِّرهما وما فيهما، وهي على النحو الآتي:

الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام يتهجَّد من الليل قال: ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيِّم السموات والأرض ومن فيهن ... )) الحديث (٣).

الحديث الثاني: حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس كلمات فقال: ((إن الله - عز وجل - لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابُه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)) (٤).

فالله - عز وجل - لا ينام وهو منزه عن ذلك، قال الله - عز وجل -: {الله لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} (٥)، والسِّنة: النعاس. وهو - عز وجل - يخفض الميزان ويرفعه، وسُمِّي الميزان قسطاً؛ لأن القسط العدل وبالميزان يقع العدل. والمراد أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة، ويوزن من أرزاقهم النازلة، وقيل: المراد بالقسط: الرزق


(١) سورة الزمر، الآية: ٦٩.
(٢) انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، ٢/ ٤٥.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب التهجد بالليل، ١/ ٥٣٢، برقم ١١٢٠، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم ٧٦٩.
(٤) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا ينام))، ١/ ١٦٢، برقم ١٧٩.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.

<<  <   >  >>