للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليضيء للذين يتخلّلون إلى المساجد في الظلم بنور ساطع يوم القيامة)) (١)، وذكر الطيبي، والمناوي، ثم المباركفوري: أن هذا النور يحيط بالمشَّائين إلى المساجد في الظُّلَم من جميع جوانبهم على الصراط، لمَّا قاسوا مشقة المشي في ظلمة الليل جوزوا بنور يضيء لهم ويحيط بهم على الصراط ووصف النور بالتامّ، وتقييده بيوم القيامة تلميح إلى وجه المؤمنين يوم القيامة، وقولهم فيه: {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا}، وإلى قصة المنافقين وقولهم للمؤمنين: {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ}، وفيه أن من انتهز هذه الفرص، وهي المشي إلى المساجد في الظلم في الدنيا كان مع النبيين، والذين آمنوا: من الصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً (٢).

ولا شك أن سرعة المرور على الصراط بحسب النور، فمن كان نوره أعظم كان مروره على الجسر أسرع، وهو أحدُّ من السيف، وأدقُّ من الشعر، فمن الناس من يمرّ عليه ويتجاوزه كلمح البصر، ومنهم من يمرّ كالبرق، ومنهم من يمرّ كالريح، ومنهم من يتجاوزه كالطير، ومنهم من يمرّ كالفرس الجواد، ومنهم من يمرّ كركاب الإبل (٣)، ومنهم من يزحف


(١) الطبراني في المعجم الأوسط، ٢/ ٤٣، برقم ٦٨٠، [مجمع البحرين في زوائد المعجمين]، وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب، ١/ ٢٩٠: ((رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ((وإسناده حسن)) ٢/ ٣٠.
(٢) انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، ٣/ ٩٤١ - ٩٤٢، وفيض القدير شرح الجامع الصغير، للمناوي، ٣/ ٢٠١، وتحفة الأحوذي، للمباركفوري، ٢/ ١٤.
(٣) هذه الدرجات الست في صحيح مسلم، كتاب الإيمان، معرفة طريقة الرؤية، ١/ ١٦٩، برقم ١٨٣، قال أبو سعيد الخدري: ((بلغني أن الجسر أدق من الشعر، وأحد من السيف))، مسلم،
١/ ١٧١، رواية الحديث رقم ١٨٣، والبخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ* إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، ٨/ ٢٢٨، برقم ٧٤٣٩.

<<  <   >  >>