للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لحية، وشارب، وعنفقة، وحاجب، قال النووي: لو قيل يحرم لم يبعد (١).

ومن غيّر بالسواد لا يحصل على هذا النور إلاّ أن يتوب أو يعفو الله عنه (٢).

وهذا الشعر الأبيض يؤدي إلى نور الأعمال الصالحة، فيصير نوراً في قبر المسلم، ويسعى بين يديه في ظلمات حشره (٣)، ويحصل هذا الفضل بشعرة واحدة بيضاء، تكون ضياء ومخلصاً عن ظلمات الموقف، وشدائده (٤).

وهذا الفضل في هذه الأحاديث يرغِّب المسلم في ترك نتف الشيب، وأعظم من النتف التغيير بالسواد، فقد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحذّر منه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيِّروا هذا بشيء واجتنبوا السواد)) (٥)، والثغامة نبت أبيض الزهر، والثمر، شُبِّه بياض الشيب به، وقيل: شجرة تبيضّ كأنها الثلجة، أو كأنها الملح (٦).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((غيّروا هذا بشيء)) أمرٌ بتغيير الشيب، قال به جماعة من: الخلفاء، والصحابة، لكن لم يَصِر أحد إلى أنه للوجوب، وإنما هو مستحبٌّ (٧).


(١) انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير، للمناوي، ٦/ ١٥٦.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٦/ ١٥٧.
(٣) انظر: مرقاة المفاتيح، للملا علي القاري، ٨/ ٢٣٥.
(٤) انظر: تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، للمباركفوري، ٥/ ٢٦١.
(٥) صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب استحباب خضاب الشيب بصفرة أو حمرة وتحريمه بالسواد، ٣/ ١٦٦٣، برقم ٤٢١٢.
(٦) المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٥/ ٤١٨.
(٧) المرجع السابق، ٥/ ٤١٨، وسمعت شيخنا العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على الحديث رقم ٥٠٧٣، من سنن النسائي في: ٢١/ ٨/١٤١٨هـ يقول: ((الخضاب سنة مؤكدة وليس واجباً)).

<<  <   >  >>