للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقل من الصنف الذي تناهى أو أكثر منه، وهذه صفة المزابنة التي نهى النبي عليه السلام عنها.

فالحنطة المبلولة في معنى الحنطة الحديثة، وفي معنى الرطب بالتمـ (ـر) (١)، لأن البلل قد أحدث فيها رطوبة نقلتها عن طبعها، فأشبهت الحنـ (ـطة) (٢) الحديثة التي لم يستحكم جفوفها.

ولم يكن القلو عنده في معنى الـ (ـصـ) ـناعة (٣) التي تغير حكم الصنف، وتبيح التفاضل بينه وبين نوعه، كخل (التمر) (٤) بالتمر الذي يجوز بيع بعضه ببعض متماثلا ومتفاضلا، لأن الصـ (ـناعة) (٥) قد غيرت الخل حتى صار الغرض فيه خلاف الغرض في التمر، وكاللحم المطبوخ بالنيء.

وإنما القلي تجفيف زائد على طبع الحنطة، كالشوي والتقديد المحدثين في اللحم تجفيفا زائدا على طبعه، وإذا كان هذا هكذا وجب [ص٥٥] ( ... ) (٦) بيع الحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة، لأنه في معنى المزابنة المنهي عنها. والله أعلم.

فأما كل مبيعين من صنف واحد قد تناهى في النضج والصفة التي خلقها الله عز وجل غاية لهما فجائز بعضهما ببعض مثلا بمثل، وإن كان حال أحدهما إلى زيادة بحدوث فعل يحدثه الإنسان فيه، كالدقيق بالحنطة، فإنه يجوز مثلا بمثل (٧)


(١) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(٢) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(٣) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(٤) بتر في الأصل، وأتممته اعتمادا على السياق.
(٥) ما بين القوسين به بتر، وأتممته لظهور المعنى فيه.
(٦) طمس في الأصل بسبب الرطوبة بمقدار كلمة.
(٧) قال مالك في الموطأ (٢/ ٦٤٧): والدقيق بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ١٨٥): وأما القمح بالدقيق فاختلف قول مالك فيه: فمرة أجازه مثلا بمثل، وهو المشهور من مذهبه الظاهر فيه.
وهو قول الليث.
ومرة منع منه، وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما.
وقد روي عن عبد العزيز بن أبي سلمة مثل ذلك، وروي عنه أن ذلك جائز على كل حال.
ولا خلاف عن أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز بيع الدقيق بالحنطة ولا بيع قفيز من حنطة بقفيز من سويق. وهو قول الشافعي.
ونحوه في بداية المجتهد (٢/ ١٠٣).

<<  <   >  >>