وحفظها في كل عصر أساطينه وفحوله، ونفوا عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، فمن جرد نظره عن وساوس النفس وشبهات الأوهام، وانفرد بعقله عما كان يمنعه عن قبول الحق من الإلف والعادة وتقليد آراء الأفهام، تبين له بالضرورة فساد ما عليه الروافض اليوم من العقائد والعوائد المنكرة، وظهر له أن ما ادعوه محض وساوس لا معاني مبتكرة؛ وذلك لأن ما ألفوه من الهوى والزيغ صدهم عن اتباع الحق ومنع العقل السليم أن يسلك في منهج الصدق، لأن العوائد طبائع ثوان، وهي قاهرة لذوي الفضل والعرفان.
فليصن المرء من العوائد التي استأنس بها، وتربي عليها فإنها سم قاتل قل من سلم من آفاتها وظهر له الحق معها، ألا يرى أن قريشا لأجل العوائد التي ألفتها نفوسهم أنكروا على النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء به من الهدى والبيان، وكان ذلك سببا لكفرهم وطغيانهم، وقد خالف المبتدعون ما جاءت به الرسل وناقضوه، ومع ذلك يزعمون أنهم الهداة البررة، إن هذا لشيء عجاب.