للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبني «١» ثم أمر أبو بكر أن يبعثوا بعث أسامة بن زيد فقال له الناس: إن العرب قد انتقضت عليك، وإنك لا تصنع بتفرق المسلمين عنك شيئا، قال: والذي نفس أبي بكر بيده! لو ظننت أن السباع أكلتني بهذه القرية لأنفذت هذا البعث الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنفاذه، ثم قال أبو بكر لأسامة: إن تخلف معي عمر بن الخطاب فافعل، فأذن له أسامة فتخلف عمر مع أبي بكر ومضى أسامة حتى أوطأهم، ثم رجع فسمع به المسلمون فخرجوا مسرورين بقدومه ولواءه معقود حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم دخل بيته ولواءه معقود، ويقال: إنه لم يحل اللواء حتى توفي [و] «٢» وضعه في بيته «٣» .

ثم كتب أبو بكر الصديق كتابا إلى معاذ بن جبل يخبره بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثه مع عمار بن ياسر، وقد كان معاذ أتى اليمن فبينا هو ذات ليلة على فراشه إذا هو بهاتف يهتف عند رأسه: يا معاذ! كيف يهنئك العيش ومحمد في سكرات الموت؟ فوقف فزعا، ما ظن إلا أن القيامة قد قامت، فلما رأى السماء مصحية «٤» والنجوم ظاهرة استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم نودي الليلة الثانية: يا معاذ! كيف يهنئك العيش ومحمد بين أطباق الثرى؟ فجعل معاذ يده على رأسه وجعل يتردد في سكك صنعاء وينادي بأعلى صوته: يا أهل اليمن! ذروني لا حاجة لي في جواركم، «٥» فما شر «٥» الأيام يوم جئتكم «٦» وفارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم! فخرج الشبان من الرجال والعواتق من النساء وقالوا: يا معاذ! ما الذي دهاك؟ فلم يلتفت إليهم وأتى


(١) في معجم البلدان: أبني: موضع بالشام من جهة البلقاء جاء ذكره في قول النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد حيث أمره بالمسير إلى الشام وشن الغارة على أبني.
(٢) زيد لاستقامة العبارة.
(٣) وقال الزهري: كان أسامة بن زيد يدعى بالأمير حتى مات، يقولون: بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم ينزعه حتى مات- راجع مجمع الزوائد ٩/ ٢٨٦.
(٤) أي بلا غيم، وفي الأصل: مصيحة- كذا.
(٥- ٥) في الأصل: فاسر- كذا.
(٦) في الأصل: جاءتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>