للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما عثمان بن حنيف فإنه مضى يريد البصرة وعليها عبد الله بن عامر بن كريز، وبلغ أهل البصرة قتل عثمان، فقام ابن عامر فصعد المنبر وخطب وقال: إن خليفتكم قتل مظلوما، وبيعته في أعناقكم، ونصرته ميتا كنصرته حيا، «١» واليوم ما كان أمس «١» ، وقد بايع الناس عليا ونحن طالبون بدم عثمان، فأعدوا للحرب عدتها، فقال له حارثة بن قدامة: يا ابن عامر! إنك لم تملكنا عنوة وقد قتل عثمان بحضرة المهاجرين والأنصار وبايع الناس عليا، فإن أقرك أطعناك، وإن عزلك عصيناك، فقال ابن عامر: موعدك الصبح، فلما أمسى تهيأ للخروج وهيأ مراكبه وما يحتاج إليه، واتخذ الليل جملا يريد المدينة، واستخلف عبد الله بن عامر الحضرمي على البصرة، فأصبح الناس يتشاورون في ابن عامر وأخبروا بخروجه، فلما قدم ابن عامر المدينة أتى طلحة والزبير فقالا له: لا مرحبا بك ولا أهلا! تركت العراق والأموال، وأتيت المدينة خوفا من علي، ووليتها غيرك، واتخذت الليل جملا، فهلا أقمت حتى «٢» يكون لك بالعراق فئة «٢» ، قال ابن عامر: فأما إذا قلتما هذا فلكما عليّ مائة ألف سيف وما أردتما من المال.

ثم أتت أم كلثوم بنت علي أباها وكانت تحت عمر بن الخطاب، فقالت له:

إن عبد الله «٣» بن عمر رجل صالح، وأنا أتكفل ما يجيء منه لك، فلما كان من قدوم ابن عامر المدينة جاء ابن عمر إليها فقال: يا أماه! إنك قد كفّلت فيّ وأنا أريد الخروج إلى العمرة الساعة، ولست «٤» بداخل في شيء يكرهه أبوك غير أني ممسك حتى يجتمع الناس، فإن شئت فأذني، وإن شئت فابعثيني إلى أبيك، قالت: لا، بل اذهب في حفظ الله وتحت كنفه، فانطلق ابن عمر معتمرا.

فلما أصبح الناس أتوا عليّا فقالوا: قد حدث البارحة حدث «٥» هو أشد من


(١- ١) وفي الفتوح ٢/ ٢٦٩: ولى عليكم اليوم ما كان لي بالأمس.
(٢- ٢) في الفتوح ٢/ ٢٧١: وافيناك بها.
(٣) في الأصل: عبيد الله.
(٤) في الأصل: ليست.
(٥) في الأصل: حدثا، والتصحيح من الطبري ٥/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>