للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما وضع لتخريج الأحاديث الواردة في بعض الكتب، وغزوها إلى المصادر الأصلية التي وردت فيها وتقويمها ببيان درجتها، رغبة في فرز السنة لاختيار مقبولها ونفي ما عداه، ومن ذلك كتاب المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار، وكتاب التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ومناهل الصفا لتخريج أحاديث الشفا.

ومن المؤلفات ما وضع بيانًا لرواة الحديث ونقلته، والتأريخ لولادتهم ووفاتهم، وتمييز العدول من المجروحين، حرصًا على تنقية السنة ونفي الدخيل عنها، وتنزيهًا لساحتها من رواية الضعفاء والمجاهيل وكذب الوضاعين، وهذا النوع يسمى بكتب الرجال، ومنه كتاب الإصابة في تمييز الصحابة، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع، وطبقات الحافظ، وإسعاف المبطأ برجال الموطأ.

في كل هذه الأنواع من المؤلفات وفي غيرها مما سبق لنا إيراده في الفصل الأول من هذا الباب كتب علماء الحديث في مصر، ودونوا من المؤلفات ما يعول عليه الدارسون للسنة، ولكل منهم فيما كتب منهجه الذي سلكه وتميز به، ولنضرب أمثلة لذلك لمناهجهم في تناول أحاديث الأحكام ليستدل بها على طريقتهم فيما سواها.

كان منهم من يحذف الإسناد اختصارًا، ويستعيض عنه بعزو الأحاديث وتخريجها وتقويمها، وعرضها لمن يريد الانتفاع بها، بعد أن يختارها من أقوى الأحاديث متنًا وأصحها إسنادًا مما اتفق عليه الشيخان، وذلك كما فعل الإمام المقدسي في كتابه عمدة الأحكام.

وكان منهم من توسع فيما رجع إليه من المادة الحديثية، واستقاها من كتب الأصول الستة ومن مسند أحمد، واستغنى بالغزو إلى هذه المسانيد عن الإطالة بذكر الأسانيد، وأغفل تقويم الأحاديث اعتمادًا على استمدادها من كتب الأصول التي تلقتها الأمة بالقبول، وذلك كما فعل ابن تيمية في كتابه المنتقى.

وكان منهم من التزم الرواية من أسانيد بعينها لا يعدوها إلى غيرها، واختار أعلاها وأقواها، وركز البيان عن رجالها والكشف عن أحوالهم، ثم أورد رواياتهم في كتب السنة دون أن يعزو من هذه المرويات ما كان متفقًا عليه في الصحيحين، أما ما كان في أحدهما أو في غيرهما من كتب السنة -كالموطأ ومسند أحمد- فإنه يعزوه إلى أصله، وكان من منهجه عند العزو أنه يريد أصل الحديث لا ذلك اللفظ، وذلك كما فعل الحافظ العراقي في كتابه تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد.

ومنهم من اختصر في كتابه على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية، وبيان مخرج الحديث بعد ذكره نصحًا للأمة، وقدم الضروري من الأدلة في إيجاز يعين على الحفظ والفهم دون توسع، ورمز للتخريج برموز بَيَّنها في مقدمة كتابه، وجرد الأحاديث من أسانيدها، واختار نخبة من الأحاديث متجهًا في أكثر ما اختاره منها إلى ما بنى عليه أحد الأئمة مذهبه في الفقه بمقتضى الميل

<<  <   >  >>