للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظير هذا ما نقله عن عثمان بن عفان، أنه أكل خبزًا ولحمًا ثم مضمض وغسل يديه ومسح بهما وجهه، ثم صلى ولم يتوضأ.

وكذلك ما بلغ مالكًا عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما كانا لا يتوضأان مما مسته النار١.. ونظير ذلك الحديث.

وكما نقل عن عروة بن الزبير أن أباه مسح على الخفين ولم يزد على مسح الظهور، ثم نقل عن ابن شهاب أن مالكًا سأله عن المسح على الخفين فمسحهما أمامه من تحت الخف ومن فوقه، وإن كان مالك أيد ما نقله عن ابن شهاب٢.

ومما نقل فيه الخلاف أيضًا بين الصحابي والتابعي حكم الرعاف في الصلاة، فإن ابن عباس غسل الدم ثم بنى من غير وضوء، وأما سعيد بن المسيب فإنه توضأ ثم بنى على ما صلى٣، ولم يؤيد مالك أحد الرأيين في موطئه.

ومنها كذلك ما يقع تفسيرًا لبعض غريب القرآن٤، كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه فسر دلوك الشمس بميلها، وعن ابن عباس أنه قال: دلوك الشمس إذا فاء الفيء، وغسق الليل اجتماع الليل وظلمته.

ويبدو أن بعض الرواة عن مالك كان يضيف زيادات مما يستقر عليه رأي مالك في بعض الأحكام كالذي نقله يحيى عن مالك أنه سئل: هل في القيء وضوء؟ قال: لا، ولكن ليتمضمض وليسغل فاه، وليس عليه وضوء٥.

وكما في رأي مالك فيمن نسي أن يمسح رأسه حتى جف وضوءه، قال راوي الكتاب: سئل مالك عن رجل توضأ فنسي أن يمسح رأسه حتى جف وضوءه، فقال: أرى أن يمسح برأسه، وإن كان قد صلى أن يعيد الصلاة.

على أن بعض ما عد من الآثار في هذا الكتاب ما يستحق أن يعد من الأحاديث المرفوعة؛ بناء على ما تقرر في أصول الحديث من أن قول الصحابي له حكم الرفع إذا كان مما لا مجال للرأي فيه، ولدينا في الموطأ آثار عديدة من هذا النوع.

منها ما نقله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى عماله: أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعًا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله، والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، والمغرب إذا غربت الشمس٦ ... إلخ، ونظيره ما كتبه إلى أبي موسى: أن صل الظهر إذا زاغت الشمس إلخ، ومثله ما نقله عن أبي هريرة، أن رجلًا سأله عن الأوقات فقال: صل الظهر إذا كان ظلك مثلك، والعصر إذا كان ظلك مثليك.


١ تنوير الحواليك: ج١ ص٣٧ وما بعدها.
٢ تنوير الحوالك: ج١ ص٤٧.
٣ تنوير الحواليك: ج١ ص٤٧.
٤ تنوير الحوالك: ج١ ص٢٣.
٥ تنوير الحوالك: ج١ ص٣٧.
٦ تنوير الحوالك: ج١ ص١٩.

<<  <   >  >>