والنسخة التي بين أيدنا للموطأ بشرح تنوير الحوالك من طبع الحلبي بمصر عام تسع وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة، وهي جزءان في مجلد.
بدئ الأول منها بحديث في وقوت الصلاة١ قال: حدثني يحيى بن يحيى الليثي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب بن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يومًا فدخل عليه عروة بن الزبير، فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يومًا وهو بالكوفة، فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري، فقال: ما هذا يا مغيرة؟ أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صلى، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: بهذا أمرت؟ فقال عمر بن عبد العزيز: أعلم ما تحدث به يا عروة، وإن جبريل هو الذي أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة ... إلخ.
وانتهى الجزء الأول بأثر عنون له بميراث ولد الملاعنة وولد الزنا، وهو: حدثني يحيى عن مالك، أنه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنا: إنه إذا مات ورثته أمه حقها في كتاب الله عز وجل وإخوته لأمه حقوقهم، ويرث البقية موالي أمه إن كانت مولاة، وإن كانت عربية ورثت حقها، وورث إخوته لأمه حقوقهم، وكان ما بقي للمسلمين، قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك، قال مالك، وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.
ثم بدأ الجزء الثاني بكتاب النكاح: ما جاء في الخطبة وأورد حديثًا في أوله قال فيه: حدثني يحيى عن مالك بن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه".
وانتهى الجزء الثاني بحديث عنون له بأسماء النبي صلى الله عليه وسلم هو: حدثني مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب".
والكتاب مشحون بالأحاديث والآثار والبلاغات، موزعة على الكتب والأبواب وما يندرج تحتها من عناوين، ويحوي مادة خصبة للدارسين والباحثين، يرفع من شأنها قرب عهد مؤلفها من صدر الإسلام، ومعاصرته لكثير من أجلاء التابعين وأتباع التابعين، ممن نقلوا إلينا السنة وأخذنا عنهم الدين، ومما يصدق شهادة الإمام الشافعي لهذا الكتاب من أنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم أن الأمة تلقته بالقبول، ولم يزل تعويلها عليه منذ ظهر إلى يومنا هذا، فكان العلماء والأئمة ما بين شارح له، أو مقتبس منه، أو راجع إلى ما فيه من الأحاديث والآثار الكريمة.
رحم الله الإمام مالك بن أنس، وجزاه عما قدم للأمة الإسلامية خير الجزاء.