الأصلية، وبهذا يختلف هذا الكتاب عن كتب السنة المؤلفة في الأحكام في عصر الرواية، كموطأ الإمام مالك، وسنن أبي داود، ومعاني الآثار للطحاوي.
ويبدو أن هذا الكتاب على نفاسته، وعظم قدر مؤلفه كان من الكتب المغمورة قليلة التداول، بدليل أنه لم يطبع مستقلًّا عن الشرح الذي كتبه عليه ابن دقيق العيد، وذلك لما أشرنا إليه من عدم استيعابه لأحاديث الأحكام التي تروي ظمأ طالب الأدلة للانتفاع بها في معرفة الأحكام.
وقد أعان على الاستغناء عن تداول هذا الكتاب ظهور الكتب التي حاولت الاستيعاب أو قاربته في أحاديث الأحكام، كمنتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار للعلامة مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني المتوفى سنة إحدى وعشرين وستمائة، وكبلوغ المرام من أحاديث الأحكام للحافظ ابن حجر العسقلاني المصري المتوفى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة.
والكتاب فيما لمسناه منه في نحو خمسمائة حديث، منها نحو تسعة وأربعمائة حديث أصول، وباقيها متابعات وشواهد، موزعة على الأبواب الفقهية، وأولها كتاب الطهارة وفيه اثنان وأربعون حديثًا، بدأها بحديث:"إنما الأعمال بالنيات" امتثالًا لقول من قال من المتقدمين: إنه ينبغي أن يبتدأ به في كل تصنيف، ولأنه كذلك متعلق بالطهارة، فطهارة الباطن قبل طهارة الظاهر، ثم كتاب الصلاة وأورد فيه سبعة ومائة حديث موزعة على أبوابه، بدأها بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال:"الصلاة على وقتها" ثم كتاب الجنائز وذكر فيه أربعة عشر حديثًا، بدأها بحديث أبي هريرة:"نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعًا" ثم كتاب الزكاة وذكر فيه ثمانية أحاديث، بدأها بحديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قومًا أهل كتاب ... " الحديث، ثم كتاب الصيام وذكر فيه ثلاثة وثلاثين حديثًا، بدأها بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجلًا كان يصوم صومًا فليصمه"، ثم كتاب الحج وذكر فيه واحدًا وأربعين حديثًا، بدأها بحديث ابن عباس رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ... " الحديث، ثم كتاب البيوع وأورد فيه ستة وأربعين حديثًا، بدأها بحديث عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعًا، أو يخيرأحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع" ثم كتاب النكاح وذكر فيه ثلاثين حديثًا، بدأها بحديث عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... " الحديث، ثم كتاب الرضاع، وذكر فيه أربعة أحاديث بدأها بحديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنت حمزة: "لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وهي ابنة أخي من الرضاعة" كتاب القصاص، وذكر فيه تسعة