للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الشام وغيرها، وقرأت عليه كثيرًا من المسانيد والأجزاء، وبحثت عليه شرحه على منظومته وغير ذلك، وشهد لي بالحفظ في كثير من المواطن، وكتب لي خطه بذلك مرارًا، وسئل عند موته: من بقي بعده من الحفاظ؟ فبدأ بي، وثنى بولده، وثلث بالشيخ نور الدين، وتوفي عام ست وثمانمائة للهجرة، وله إحدى وثمانون سنة وربع سنة.

وكتابه تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد١ وقد ألفه -كما يقول في مقدمته- لأبنه أبي زرعة الذي ترجم له في شرحه المسمى "طرح التثريب في شرح التقريب" وقال: إنه أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن، المولود بظاهر القاهرة في ثالث ذي الحجة بعد صلاة الصبح من سنة اثنين وستين وسبعمائة، وأنه حضر بالقاهرة على القاضي ناصر الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن أبي القاسم الربعي التونسي، وفتح الدين أبي الحرم محمد بن محمد بن محمد بن أبي الحرم، وعلى أبي العباس أحمد بن أبي بكر العطار العسقلاني وغيرهم، وحضر بدمشق على يعقوب بن يعقوب الحريري، والقاضي عماد الدين محمد بن موسى بن سليمان بن السيرجي، وأبى عبد الله المؤذن وغيرهم، وحضر بصالحية دمشق على أحمد بن النجم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي عمر، وعلى الحسن بن أحمد بن هلال بن الهبل وغيرهم، ثم سمع بعد ذلك من خلائق، ومن مسموعاته الكتب الستة، والموطأ، ومسند الشافعي، ومسند الدارمي، ومسند الطيالسي، ومسند عبد بن حميد، وكتاب الأدب للبخاري، وكتاب الأدب للبيهقي، وصحيح ابن حبان، والمعجم للطبراني، وغير ذلك، ثم دعا له بأن يجعله الله من العلماء العاملين.

وقد وصف الحافظ العراقي كتابه التقريب بأنه مختصر في أحاديث الأحكام، متصل الأسانيد بالأئمة الأعلام، حتى لا يقع في نقيصة نقل العلم بدون إسناده، وبذلك يستغني عن حمل الأسفار، وعن مراجعة الأصول عند المذاكرة والاستحضار، وحتى يخلص به من الحرج بنقل ما ليست له به رواية، وذكر أنه أراد أن يسهل له جمع الأسانيد بأن يورد عدة أحاديث في تراجم محصورة، وتكون تلك التراجم فيما عد من أصح الأسانيد.

وطريقته: أن يذكر لفظ الحديث لمن أسنده إليه من الموطأ أو مسند أحمد، وإن كان الحديث في الصحيحين لم يعزه لأحد، وكان عدم العزو علامة على أنه متفق عليه، وإن كان في أحدهما فإنه يقتصر على عزوه إليه، وإن لم يكن في واحد من الصحيحين فإنه يعزوه إلى من خرجه من أصحاب السنن الأربعة وغيرهم ممن التزم الصحة، كابن حبان والحاكم، فإن كان عند من عزا الحديث إليه زيادة تدل على حكم ذكرها، وكذلك إذا كانت الزيادة من عند غيره.

وأورد أن الزيادة إن كانت من حديث ذلك الصحابي "الذي روى الحديث دون الزيادة" لم يذكرها، بل يقول: ولأبي داود وغيره كذا، وإن كانت من غير حديثه قال: ولفلان


١ أورده أيضًا صاحب هدية العارفين ج٥ ص٥٦٢.

<<  <   >  >>