للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أفادنا هذا المسلك إفادة قيمة، ولا سيما فيما يتعلق بشيوخه الذين أخذ عنهم ووصلوا به إلى هذه التراجم، فإنه ربما لم يرد أن يحيل القارئ إلى العناء في البحث عنهم، وربما لا يتيسر للقارئ مراجع يتعرف بها على هؤلاء الشيوخ الذين انتهوا به إلى تلك الأصول، وإن في بيان شيوخه زيادة ثقة واطمئنان إلى هذا الكتاب وما ورد فيه من أحاديث.

ومما ينبغي التنبيه له في هذا المقام أن الحافظ العراقي قد استقل في هذا الكتاب بمتن التقريب، وأنه اشترك مع ابنه أبي زرعة في وضع الشرح عليه، فكتب كل منهما بعضًا من هذا الشرح، ولم تكن كتابة كل منهما على الترتيب من حين بدأ إلى حيث انتهى كما يقع في غيره من الكتب التي يشترك فيها أكثر من مؤلف استكمالًا لما ترك شاغرًا في الكتاب، وإنما اشترك التمليذ مع والده في حياته في شرح هذا الكتاب.

ولأمر ما بدأ الوالد بالتعريف بالرجال الذين وردت أسماؤهم فيه، ثم شرح جزءا من المتن لم يكن هو كل ما تناوله من الشرح في هذا الكتاب، ثم بدأ الابن من حيث انتهى أبوه، فشرح قطعة أخرى من المتن متصلة بما وقف عندها والده، ثم عاد الوالد فبدأ من حيث انتهى ابنه. وهكذا حتى انتهى شرح الكتاب المسمى "طرح التثريب في شرح التقريب".

وقد وقفنا على بيان هذه التجزئة التي لم نتبين بالتحديد الباعث عليها، وربما كان الباعث عليها هو دقة إشراف الوالد على عمل ابنه فيما اشترك معه فيه، وحفز همته إلى الكدح والاجتهاد الذي يقرب له المساواة معه في طريقة البحث، أقول: وهذا الذي وقفنا عليه من بيان هذه التجزئة هو تصريح من أبي زرعة ولد الحافظ العراقي في إجازة نقلت من خط أبي زرعة نفسه يذكر فيها: أن جميع هذا الجزء الأول من طرح التثريب من تأليف والده وتكميل أبي زرعة له؛ فمن أوله إلى أول باب مواقيت الصلاة من كلام والده رحمه الله، ومن أول الباب المذكور إلى أول باب التأمين من كلام أبي زرعة، ومن أول باب التأمين إلى باب الإمامة من كلام والده، ومن الإمامة إلى باب الجلوس في المصلى وانتظار الصلاة من كلام أبي زرعة، ومن ثم إلى آخر هذا المجلد من كلام والده رحمة الله عليه.

هذا ما وصل إلينا نقلًا عن الضبي ناسخ هذا الكتاب من خط مؤلفيه، ذكرته لجنة التحقيق في تصديرها للكتاب١.

وهذا القدر من البيان لم يوضح لنا إذا كان هذا المجلد الذي أشار إليه أخيرًا هو ذات الجزء الأول فقط أم أنه استوعب الكتاب كله؟ وإذا كان المجلد هو الجزء الأول فقط كما يشعر به ظاهر هذه العبارة فمن منهما الذي تولى شرح بقية الكتاب؟

غير أننا نرجح أن أبا زرعة شارك في شرح بقية الكتاب بعد أن عثرنا أثناء النظر فيه على بعض. عبارات تشعر بمشاركة أبي زرعة لوالده في شرح بقية الكتاب، منها ما ورد من إيراده لنظم نسبه


١ طرح التثريب: ص٨ ج١.

<<  <   >  >>