للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا؛ وفي دراستنا لمتن الكتاب تبين لنا أن الحافظ العراقي لا يخليه من الاستنتاجات الفقهية اللطيفة يبرز فيها شخصيته في فقه السنة.

ومن ذلك قوله بعد رواية حديث أبي هريرة بترجمتين عنه في شأن الإيراد عن الصلاة أو عن الحر يقول في في التعليق عليهما: وليس في حديث أبي هريرة ذكر للظهر فيدخل في عمومه الإيراد بالجمعة١.

وقد يفسر بعض الألفاظ التي يرى أنها تحتاج إلى بيان بالسياق أو غيره كما في حديث أنس عند البخاري: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أشتد الحر أبرد بالصلاة، وإذا اشتد البرد بكر بالصلاة" فبين الصلاة بقوله: يعني الجمعة٢.

ومن هذا النمط ما جاء من إضافته قيدًا في حديث الأعرج عن أبي هريرة: "إذا قلت لصاحبك أنصت فقد لغوت" قال العراقي: يريد والإمام يخطب٣.

وللحافظ العراقي تعليقات تشعر بالدقة حتى في اختيار أصح الألفاظ في رواية الأحاديث، وقد ذكر حديث: "أبردوا بالظهر ... " إلخ ثم قال: وفي علل الخلال من حديث أبي سعيد "من فوح" بدل "فيح" قال أحمد: لا أعرف أحدًا قال فوح غير الأعمش٤.

ومن ذلك قوله في حديث الأعرج وهمام عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الملائكة يتعاقبون فيكم ... " فذكره ولم يقل "بهم" التي وردت في الرواية الأخرى وهي قوله: وهو أعلم بهم، وقال: "فقالوا" موضع "فيقولون" الواردة في الرواية الأخرى٥.

ومن ذلك ما ورد في حديث الجمع بين حديثي جابر في قصة معاذ وتطويله للصلاة من: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن يقرأ: سبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى وبين حديث بريدة: "من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي بالشمس وضحاها" ونحوها من السور حيث قال الحافظ: والجمع بين حديث بريدة وجابر في قصة معاذ أنهما واقعتان٦.

ومن ذلك ما ورد في حديث أبي سلمة عن أبي هريرة في سهو النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه سلم من ركعتين في صلاة الظهر فقام رجل فقال: يا رسول أقصرت الصلاة أم نسيت ... " وفي رواية أخرى لأبي هريرة "أن ذلك كان في صلاة العصر" وفي رواية ثالثة لعمران بن الحصين: "أنه صلى العصر فسلم في ثلاث"، وفي رواية لأبي داود والنسائي والحاكم من حديث معاوية بن خديج: "فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة"، وذكر ابن خديج أن الرجل طلحة بن عبد الله، وقد جمع الحافظ العراقي بين هذا الاختلاف نقلًا عن المحققين: بأن لأبي هريرة قصتين، ولعمران قصة أخرى، ولمعاوية بن خديج قصة أخرى٧.


١ طرح التثريب: ص١٥١ ج٢.
٢ طرح التثريب: ص١٥٦ ج٢.
٣ طرح التثريب: ص١٩٠ ج٣.
٤ طرح التثريب: ص١٥٦ ج٢.
٥ طرح التثريب: ص٣٠٤ ج٢.
٦ طرح التثريب: ص٢٧٨ ج٢.
٧ طرح التثريب: ص٤ ج٣.

<<  <   >  >>