للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أعماله الخطابة بالجامع الأزهر ثم بجامع عمرو، ويقول السخاوي: إن الناس أخذوا عنه طبقة بعد أخرى، وألحق الآباء بالأبناء والأحفاد. كما يقول: إنه قرأ عليه الكثير جدًّا من تصانيفه ومروياته، وكانت وفاته رضي الله عنه سنة ٨٥٢هـ.

وصنف المؤلف كتابه في تقديمه له بأنه مختصر على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية وذكر أنه حرره تحريرًا بالغًا، ليصير من يحفظه بين أقرانه نابغًا١ وأنه بين عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة، لإرادته نصح الأمة.

وقد علق الشارح الصنعاني على هذه العبارة بقوله: في ذكر من أخرج الحديث عدة نصائح للأمة: منها بيان أن الحديث ثابت في دواوين الإسلام، ومنها أنه قد تداولته الأئمة الأعلام، ومنها أنه قد تتبع طرقه وبين ما فيها من مقال، ومن تصحيح وتحسين وإعلال، ومنها إرشاد المنتهي أن يراجع أصولها التي منها انتقى هذا المختصر٢.

واستدرك الصنعاني عليه بأنه كان يحسن أن يذكر هنا مسلكه الذي سلكه أثناء الكتاب من بيان صحة الحديث أو حسنه أو ضعفه، وهو استدراك له قيمته؛ لأن ذلك من أبرز مظاهر النصح للأمة، لما فيه من إبراء نفسه، وإخلائها من عهدة التبعة فيما يشبه التدليس في الرواية.

وذكر المصنف في مقدمته بسيان مصطلحه، عند التخريج والنسبة إلى الأئمة، وأنه يريد بالسبعة -حين يوردها- أحمد البخاري ومسلمًا وأبا داود وابن ماجه والترمذي والنسائي، وبالستة من عدا أحمد، وبالخمسة من عدا البخاري ومسلمًا، وقد يقول الأربعة وأحمد، وأنه يريد بالأربعة أبا داود وابن ماجه والترمذي والنسائي، كما ذكر أنه يريد بالثلاثة من عدا الثلاثة الأول وعدا الأخير؛ أي أنه يريد بها ابن ماجه وأبا داود والترمذي، ويريد بالمتفق عليه البخاري ومسلمًا، وأنه قد لا يذكر معهما غيرهما مع علمه باشتراك غيرهما معهما، اكتفاء بأن إليهما المنتهى في الوثوق بالحديث، وقال: إن ما عدا هذه المصطلحات فهو مبين، ويريد بذلك أن الحديث إذا خرجه غير هؤلاء المذكورين -سواء أكان مشتركًا معهم أو مع بعضهم- فإنه يذكر ذلك المخرج باسمه، وذلك مثل قوله في الحديث الأول: أخرجه الأربعة وابن أبي شيبة واللفظ له، وأخرجه ابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد، وواضح أن ابن أبي شيبة وابن خزيمة ومالكًا والشافعي لم يدخلوا في مصطلحاته السابقة، فنص عليهم بأسمائهم بناء على ما أورده في هذه المقدمة، وقد سماه المصنف بلوغ المرام من أدلة الأحكام جريًا على طريقة معاصريه من المؤلفين في التزام السجع في أسماء الكتب.


١ بلوغ المرام ص٩.
٢ سبل السلام ص١٠ والصنعاني هو الإمام محمد بن إسماعيل بن صلاح الدين الكحلاني المتوفى سنة ١١٨٢هـ من أعلام من درسوا الفقه والحديث رواية ودراية، وبرعوا في مختلف العلوم، وألف في الحديث وعلومه كتبا حافلة منها سبل السلام "شرح بلوغ المرام" ومنها العدة في شرح العمدة للمقدسي، ومنها شرح التنقيح في علوم الحديث.

<<  <   >  >>