للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الخامس:

هذه الأبواب التي أوردها تحت كتب، وليس بينها وبين تلك الكتب أية صلة، ومن ذلك ما أورده تحت كتاب البيوع من أبواب: إحياء الموات، والوقف، والهبة، والعمري والرقبى واللقطة، والوصايا، والوديعة، وأبرز من هذا كله باب الفرائض، وقد عده من بين أبواب حكاب البيوع، وأية علاقة بينه وبينها حتى يعد بابًا منها؟

ومن الظواهر التي رأيناها عند دراستنا لهذا الكتاب أمانة ابن حجر العلمية في عرض أدلة المخالفين لمذهبه، فإنه يورد هذه الأدلة في مواجهة أدلة الشافعية لتكون أمام الدارس والمجتهد والفاحص يتعرف من خلالها طريقه، ويتبين من ثناياها مسلكه، وبذلك يبرئ ابن حجر عهدته، ويلقي على الدارس عبثه ومسئوليته، بعد أن يضع أمامه أدلة كل فريق، ومن غير تحيز ولا تعصب لمذهبه الذي ارتضاه، ومن ذلك ما فعله فيما يأتي:

١- في المسح على العمامة أورد المصنف حديث المغيرة بن شعبة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين" وقد قال الصنعاني في شرحه لهذا الحديث: إن الاقتصار بالمسح على العمامة لم يقل به الجمهور.

ونقل عن ابن القيم قوله: ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، لكن إذا مسح بناصيته كمل على العمامة، كما في حديث المغيرة هذا١.

وقد أورد في نفس المعنى حديث ثوبان قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأمرهم أن يمسحوا على العصائب؛ يعني العمائم، والنساخين؛ يعني الخفاف" قال الصنعاني في شرحه لهذه الحديث٢: ظاهر الحديث أنه يجوز المسح على العمائم كالمسح على الخفين.

إلى أن قال: وظاهره أيضا أنه لا يشترط للمسح عليها عذر، وأنه يجزئ مسحها وإن لم يمس الرأس ماء أصلًا.

٢- وفي حديث عائشة رضي الله عنها٣: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ" قال الصنعاني٤: فالحديث دليل على أن لمس المرأة وتقبيلها لا ينقض الوضوء، وهذا هو الأصل.

وذهب الشافعية إلى أن لمس من لا يحرم نكاحها ناقض للوضوء مستدلين بقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاء} فلزم الوضوء من اللمس.

وفي هذا الباب أورد حديث طلق بن علي٥ قال: قال رجل: مسست ذكري، أو قال: الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، إنما هو بضعة


١ سبل السلام: ج١ ص٥١ وبلوغ المرام ص٢١.
٢ سبل السلام: ج١ ص٦٠ وبلوغ المرام ص٣٤.
٣ بلوغ المرام: ص٢٦.
٤ سبل السلام: ج١ ص٦٦.
٥ بلوغ المرام: ص٢٦.

<<  <   >  >>