للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منك" وقال الصنعاني١ في شرحه: والحديث دليل على ما هو الأصل من عدم نقض مس الذكر للوضوء.

كما أورد في هذا الباب حديثًا آخر يناقضه في الدلالة، وهو حديث بسرة بنت صفوان٢ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مس ذكره فليتوضأ" وقال الصنعاني عند شرحه له: وبه استدل من سمعت عن الصحابة والتابعين وأحمد والشافعي على نقض مس الذكر للوضوء والمراد مسه من غير حائل٣.

٣- وفي باب صلاة المسافر والمريض أورد حديثًا يستدل به الحنفية على أن القصر عزيمة لا رخصة، وهو حديث عائشة٤ رضي الله عنها قالت: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر".

ثم أورد بعده حديثًا لعائشة٥ رواه الدارقطني: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويصوم ويفطر" وهو دليل للشافعية، ولكن أمانة ابن حجر العلمية وعدم تحيزه للمذهب الذي ارتضاه دفعاه إلى بيان ما في الحديث من إعلال، فقال عنه: إنه معلول، والمحفوظ عن عائشة من فعلها لا من روايتها.

٤- وفي كتاب النكاح أورد الحافظ ابن حجر حديثًا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال٦: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها" وفي رواية: "ليس للولي من الثيب أمر" وهو يختلف مع مذهب الشافعية من أن الولي ركن في النكاح مطلقًا دون تفرقة بين الثيب والبكر.

وبعد: فإن هذا الكتاب من تأليف الحافظ ابن حجر، وهو من عرف علماء الحديث علمه وفضله واستيعابه لأكثر السنة، وإمامته في علوم الحديث والرجال، وقد أعانه ذلك على أن يقدم الضروري من أدلة الأحكام في إيجاز يعين على حفظه واستظهاره عند الحاجة، ومن أجل ذلك لم يسلك مسلك غيره ممن توسع في تقديم كثير من الأحاديث في موضوعات الفقه المتعددة، مما يفتر بعض الهمم، ويقعد بها عن دراسة الفقه والحديث.

ويبدو لنا أن أبرز ميزة في هذا الكتاب أن مؤلفه قد توخى فيه إلى ما تدعو إليه حاجة المتفقهين والمستدلين، فإنه تناول فيه أحاديث الأحكام مراعيًا فيها ميزة القبول، بحيث تكون من بين الصحيح أو الحسن وتصلح للاحتجاج، فإن أورد حديثًا أدنى درجة من هذه فإنه يورده تابعًا أو شاهدًا، أو مشتملًا على زيادة لا تخل بدلالة غيره مما استوفى شروط القبول.


١ سبل السلام: ج١ ص٦٧.
٢ بلوغ المرام: ص٢٦.
٣ سبل السلام: ج١ ص٦٧.
٤ سبل السلام: ج١ ص٦٧.
٥ بلوغ المرام ص٩٤.
٦ نفس المرجع والصفحة.

<<  <   >  >>