للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويا حبذا لو عرف أئمة المساجد والخطباء والوعاظ هذا الكتاب الذي يملأ نفوسهم وعقولهم بالمعارف الإسلامية الصحيحة، بدل تلك التي يلجأ إليها بعضهم من كتب خاصة بمجالس الوعظ: كتذكرة القرطبي وغالية المواعظ، وغيرها من الكتب التي تجمع الصحيح والمنكر، والتي تغري بعضهم بما فيه من ترغيب أو ترهيب أن ينقلها إلى الناس نقلًا لا يليق بخواص الأمة، ومن يحملون عبء دعوة الناس إلى الدين الصحيح.

وإن من واجب أساتذة الكليات التي تدرس فيها علوم الشريعة أن يلفتوا أنظار طلابهم إلى ذلك الكتاب، لينهلوا من معينة الصافي، ولينتفعوا به في مواقفهم الإسلامية المختلفة، فإن ظروف الحياة، ووضعهم الديني والاجتماعي فيها يلجئهم إلى أن يخوضوا في أمور دينية ذات شأن عظيم، تستدعي أن يكون لديهم حصيلة نقية صافية من علوم الدين التي يسر تناولها هذا الكتاب في استيعاب وسهولة عرض، وتخير للأحاديث، واطمئنان إلى سلامتها، خروجًا من عهدة التدليس أو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله التوفيق.

وإذا كنا قد تعودنا أن نصف كل مؤلف من الكتب التي مرت بنا، فإنه كان يسعنا أن نكتفي بما وصف به هذا الإمام كتابه -وهو أدرى به- غير أننا نرى أن نضع يد القارئ على بعض صفات سنحت لنا في هذا الكتاب، وقد يكون بعضها مما أشار إليه المؤلف إشارة عابرة في أثناء تصوير منهجه، ومن بين هذه الصفات.

١- الاستطراد:

ولسنا نعني بالاستطراد ما يدعو إليه الحديث فيدخل بعضه في بعض لمناسبة تدعو إليه، ولكننا نعني أنه يقحم بعض مسائل بعنوان معين ربما يرى أن بينه وبين ما قبله ارتباطًا يدعو لأن يتناوله بشيء من الشرح والإيضاح، وذلك كموضوع التوبة١ الذي ألحقه بكتاب الإيمان ومباحثه التي أوردها، ثم تطرق في هذا الباب إلى إيراد عدة آثار لبعض الصحابة والتابعين كعبد الله بن عمر من الصحابة وعكرمة من التابعين وقد أورد له أثرين.

ومن ذلك أنه أورد عنوانًا لبيان سنن الوضوء٢ وكان مقتضى عرضه على منهجه أن يورد الأحاديث النبوية ويترك للقارئ الاستدلال، ولكنه في هذا المقام يبدأ بذكر الحكم ثم يورد الدليل عليه فيقول: أمهات السنن المؤكدة عشر ويورد الدليل، ثم يقول: الثانية غسل اليدين ويورد الدليل، والثالثة الاستنثار والمضمضة والاستنشاق٣ ثم يورد الدليل.

ومن ذلك أنه في صفحة ٢٦٨ ج١ ذكر مع العنوان "كتاب الأطعمة" أن الأصل في الأعيان والأشياء الإباحة ... فأبدى رأيه في الحكم قبل أن يعرض الدليل عليه، وهي الأحاديث التي من بينها: "اتركوني ما تركتكم" وما يشبهه.


١ ص٣٠ ج١ كشف الغمة.
٢ ص٥٢ ج١ كشف الغمة.
٣ يلاحظ أنه اعتبر هذه الثلاثة سنة واحدة ولم يراع فيها الترتيب.

<<  <   >  >>