للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادات١ بباب جامع لفضائل الذكر بجميع أنواعه مطلقًا ومقيدًا، وما جاء في فضل الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختم باب الجهاد بخاتمة لخص فيها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من ولادته إلى رسالته إلى وفاته، وختم أبواب فقه الكتاب بباب جامع لجملة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، ولجملة من هديه في أنواع مخصوصة -وإن كان ذلك مفرقًا في أبواب الكتاب- وأتبع هذه الأخلاق بذكر ما جاء في حقوق الوالدين وصلة الرحم وستر عورات المسلمين، وما إلى ذلك من أبواب الدين التي ذكر منها الشيء الكثير، ثم أورد أنه ذكر الموت وأحوال الموتى وعذاب البرزخ ونعيمه، وما جاء في الحشر والنشر والحساب والميزان والصراط، وغير ذلك من مواقف القيامة وعدتها خمسون موقفا كل موقف للعاصي ألف سنة.

وما جاء في صفة الجنة والنار وذبح الموت بينهما، ثم قال: وأكرم به من كتاب احتوى على مقاصد الشريعة كلها مع عذوبة لفظه وحلاوته، وكيف لا يكون ذلك وهو كلام سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ومن نظر فيه علم يقينًا أن الشريعة لا تضييق فيها، ولا حرج على أحد من المسلمين، ولزم الأدب مع الله ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشفق على الأمة المحمدية، ولم يأمر أحدًا بشيء لم تصرح به الشريعة المطهرة إلا إن أجمع عليه، فإن في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعائه: "اللهم من شق على أمتي فأشقق اللهم عليه"، ولا أحد أشق على الأمة من فقيه يحجر عليهم، ويحكم ببطلان عباداتهم ومعاملاتهم، وتطليق نسائهم، وسفك دمائهم، ويحكم بكفرهم بأمور ولَّدها بعقله ورأيه، ولم يأت بما صريحًا من كتاب ولا سنة، حتى تضيق الدنيا على العاصي منهم، فمن فعل ذلك معهم فقد دخل في دعائه صلى الله عليه وسلم بأن الله يشق عليه، نسأل الله العافية.

ومؤلف هذا الكتاب -في أدب وتواضع- يقول: إنني أشكر الله عز وجل أن وفقني لعرض هذا الكتاب المختبئ، وهو كتاب جامع لكل هذه الأغراض التي قلما اجتمعت لمثله في استيعابها وإيجازها، ونبهت إليه كثرة من القراء الذين تتشوف نفوسهم إلى التضلع من الشريعة الإسلامية في أوجز وقت وأقربه، ينتفعون به في فقه الدين، ويستفيدون منه في معرفة السنة، وفي جميع أبواب السير والسلوك، مع الاطمئنان إلى ما فيه من المعلومات، والتأثر بروحه الطيب في الاستنارة بالهدي النبوي الكريم، فهو مادة جليلة لكل مسلم من الخواص والعوام، وهو بهذا جدير أن يعلم في المساجد والمدارس إن لم يكن كله فليكن بالقدر الذي يلزم المسلم في أعمال اليوم والليلة منه، والذي تدعو إليه ضرورة فوق ضرورة الطعام والشراب، والذي له أثر في إصلاح تلك المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله.

على أنه في تناوله للأحكام الفقهية الأخرى من المعاملات -كالبيع والشراء والإجارة وغيرها- يعرضها عرضًا نديًا يحفز النفوس إلى العودة إلى ذلك الهدي النبوي الكريم، كأنها تعيش فيه، مما يكفل للأمة الإسلامية أن تحيا في تكافل يؤلف النفوس ويجمعها على الحب والخير.


١ ص٧ ج١ كشف الغمة.

<<  <   >  >>