للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ختم الكتاب بباب ذكر الرواة المختلف فيهم، وهم الرواة المشار إليهم في الكتاب ولم يحقق اختلاف علماء الجرح والتعديل في شأنهم، فذكرهم في آخر الكتاب مرتبين على الحروف الهجائية في كل من الأسماء والكنى، وأورد اختلاف العلماء في كل واحد منهم، وهذا أيضًا مظهر من مظاهر الحرص على الدقة في التحري في الحكم على الأحاديث، وبيان مرتبة كل منها، فإذا كان هذا مسلكه في أحاديث الترغيب والترهيب، وهي مما قد يتساهل في شأنها بعض التساهل -فكيف يكون مسلكه في أحاديث العقائد والأحكام لو أنه صنف فيها؟

إن مثل هذا الإمام لجدير أن يفاخر به من علمه ودينه، طيب الله ثراه.

والكتاب بعد هذا -موسوعة خصيبة جامعة، فيها غناء عن غيرها في موضوعاتها، ونخال أن ليس في غيرها غناء عنها، ويقرب ذلك إلى ذهن القارئ أن نبين له أن عدد أحاديث الكتاب قد بلغت في مجموعها سبعة وثمانين وسبعمائة وخمسة آلاف حديث، وأن فيها كثيرًا من المطولات، بحيث يبلغ الحديث الواحد منها صفحة أو يزيد، بل إن في بعضها ما يزيد على الصفحتين، وما أكثر المطولات في الأحاديث الواردة فيه، وهي ظاهرة يتميز بها عما سواه، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:

١- في باب الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة١ أورد حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم حتى أواهم المبيت إلى غار ... " ٢ وساق الحديث بطوله في نحو صفحة من الكتاب.

٢- وفي باب الترهيب من الرياء، وما يقوله من خاف شيئًا منه أورد حديث عقبة بن مسلم رضي الله عنه٣ "حدث أن شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الثاني فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرة. قال: فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس" ثم ساق الحديث بطوله في نحو صفحة أو يزيد.

٣- وفي نفس الباب أورد حديث معاذ رضي الله عنه٤ أن رجلًا قال: "حدثني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكى معاذ حتى ظننت أنه لا يسكت ثم سكت، ثم قال ... " وأورد الحديث في نحو صفحتين من صفحات الكتاب.

٤- وفي باب الترهيب من ترك الصلاة تعمدًا، وإخراجها عن وقتها تهاونًا أورد حديث سمرة بن جندب٥ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه: "هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ " فيقص عليه ما شاء الله أن يقص، وساق حديثه الذي يزيد على الصفحتين.


١ الترغيب والترهيب ج١ ص٥١.
٢ رواه البخاري ومسلم.
٣ الترغيب والترهيب ج١ ص٦٢.
٤ الترغيب والترهيب ج١ ص٧٣.
٥ الترغيب والترهيب ج١ ص٣٨٧.

<<  <   >  >>