ومن أحمد، ومن أبي يعلى، ومن ابن عدي، ومن الحكيم، وينسب إلى المعاجم الثلاثة أجيانًا، ويأخذ عن البخاري وابن عوانة، وعن حميد بن زنجويه، وعن ابن عساكر، وعن القضاعي والديلمي، كما يأخذ عن النسائي وابن حبان، وتارة يعزو الحديث إلى الشيخين، ويأخذ عن ابن ماجه وابن جرير، وعن الحاكم والبزار، والشيرازي وابن النجار، والخرائطي والخطيب وابن الشيخ، كما يروى عن سمويه والبغوي وعبد بن حميد، وعن ابن أبي الدنيا وابن شاهين وعن الطبراني في الكبير، وعن ابن السني والرافعي والعقيلي، وعن تمام والخليلي وأبي نصر العجلي وعن ابن عبد البر معلقًا، وعن أبي موسى المديني والضياء، ولم يخرج في أخذه وروايته عن هؤلاء.
وكثير من هذه المراجع التي أخذ عنها الشيخ المناوي هذه المختارات الحديثية كنوز مختفية لا يظفر بمثلها المجتمع الإسلامي، لبعد العهد بها، وقلة تداولها لعدم الاهتمام بطبعها، ولكن هذا الكتاب ينقصه أن مؤلفه -رحمه الله- لم يعن بتقويم أحاديثه وبيان مراتبها، ولا سيما ما أخذ منها من غير المشاهير وهي كتب يعز الاطلاع عليها، ومحاولة تعرف السليم من السقيم منها، وكان من شأن هذا الإمام المؤلف أن يبين ذلك، وأن يكفي القارئ مؤنة تتبعها، وبذلك يستكمل الوصف الذي رأيناه في الترغيب والترهيب للعلامة المنذري، وقد كان هو أحق بالعناية بهذه الناحية في كتابه، لا سيما وأن أحاديثه قليلة، وأنه أضاف كثيرًا منها إلى كتب نص علماء الحديث على أنها من مظان الأحاديث الضعيفة كمسند الفردوس للديملي الذي قيل فيه: إنه يروي عددًا من الموضوعات.
وقد رأينا مؤلف كتابنا هذا -عبد الرءوف المناوي- يسلك مسلكًا دقيقًا عجيبًا في شرحه للجامع الصغير -كما سنبين ذلك بإذن الله في كتب الشروح- على كثرة ما في الجامع الصغير من الأحاديث، رأيناه يناقش الإمام السيوطي بالحجة في درجات بعض الأحاديث، ويؤيد رأيه بنقول يرويها عن العلماء، فلعل إهماله في رعاية هذه الناحية في هذا الكتيب مما يؤكد القول بأنه -رحمه الله- توفي قبل أن يبيضه فتولى أمره ولده الذي لم يبلغ مبلغ أبيه في مقدرته العلمية، ومكانته الحديثية.