للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عني المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة -بما له من الأهمية والاهتمامات في عصرنا الحاضر- بهذا النوع من الأحاديث، فشكل لجنة لجمعه من مظانه المختلفة من الجوامع والمسانيد، وأبرزت منه جزأين يشتملان على مجموعة كبيرة من الأحاديث القدسية وشرحها، ويبدو أنه خير ما وقفنا عليه ترتيبًا وتنقيحًا وتهذيبًا وتخريجًا، وهي على نظام الجوامع كالبخاري ومسلم، وأحاديثها أقرب إلى القبور لتخير تلك اللجنة لها من أمهات الكتب الحديثية ومشاهيرها.

وبعد هذا يسعنا أن نتناول هذا الكتاب بالدراسة؛ إذ إنه يدخل ضمن عصور كتابنا، وتسري عليه أوصاف تلك العصور.

كتاب الإتحافات السنية للمناوي:

قضت ظروف البحث أن تدرس هذا الكتاب لأنه -كما ذكرنا- أقرب الكتب لمحدث مصري إلى عصورنا التي نتناولها بالدراسة، وعذرنا واضح في وقوع الاختيار على هذا الكتاب لأنه ليس لدينا من الكتب المؤلفة لمصريين في هذا الموضوع من الأحاديث القدسية غيره، وقد يؤيد عذرنا في ذلك أن الفوارق الدقيقة بين العصور ليست مما يظهر له أثر في اختلاف الصفات والمميزات، فإن المؤلف وقد توفي في بداية القرن الحادي عشر ليس بغريب أن يكون قد ألف كتابه هذا في أواخر القرن العاشر، وهو من عصور دراستنا، فقد نقل ناشر الكتاب الشيخ محمد منير الدمشقي أنه وجد في خطبة هذه الرسالة: لمحمد المدعو "تاج الدين المناوي"، وفي طرة الرسالة: جمع الفقير الحقير الراجي فضل ربه القدير محمد المدعو تاج الدين المناوي الحدادي، وفي فهرس دار الكتب المصرية: محمد تاج الدين محمد بن علي بن زين العابدين، وفي كشف الظنون هو الشيخ محمد المعروف بعبد الرءوف المناوي الحدادي ... وأوله "الحمد لله الذي نزل أهل الحديث أعلى منازل الشرف"، وقد وجد الشيخ فرصة لاختيار رأي بين هذه الخلافات فقال: والصواب على ما يظهر من ترجمة الحافظ عبد الرءوف بن تاج العارفين علي بن زين العابدين أنه لعبد الرءوف، إلا أنه لم يكمله، بل تركه مسودة، فجاء ولده تاج الدين وأكمله وبيضه ونسبه إلى نفسه؛ لأن والده عجز في آخر عمره -بسبب الأمراض- عن تكميل كثير من مؤلفاته كما جاء في كتاب خلاصة الأثر، فكان ولده محمد تاج الدين يستملي منه التآليف ويسطرها، لذلك نسب محمد تاج الدين الرسالة لنفسه في خطبتها، قال الناشر: وهذا ما اهتديت إليه بعد البحث العميق١.

والكتاب يقع في أربعة وستين صفحة من الحجم الصغير، وأحاديثه كلها دائرة حول الترغيب والترهيب، وهي مرتبة على حروف المعجم، وقد التزم المصنف أن يعزو كل حديث إلى مأخذه، فهو يأخذ من الطبراني في الأوسط، ومن الترمذي، ومن البيهقي، ومن مسلم، ومن أبي نعيم،


١ الإتحافات السنية ص٣.

<<  <   >  >>