خرج فيه عن ألف شيخ، كل شيخ حديثًا أو حديثين، انتهى وهو التحرير والصواب وخلافة سبق قلم.
هذا ما تيسر لنا من الحديث عن المسانيد الثلاثة والمعاجم الثلاثة التي أفرز منها الحافظ نور الدين الهيثمي زوائدها على الكتب الستة، وأودعها كتابه الكبير: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد.
وقد تحدث المؤلف رحمه الله في مقدمة كتابه عن السبب الباعث له على جمع الزوائد في هذا المؤلف فقال: وبعد، فقد كنت جمعت زوائد مسند الإمام أحمد وأبي يعلى الموصلي وأبي بكر البزار ومعاجم الطبراني الثلاثة رضي الله عن مؤلفيها وأرضاهم، كل واحد منها في تصنيف مستقل، ما خلا المعجم الأوسط والصغير فإنهما في تصنيف واحد، فقال لي شيخي أبو الفضل عبد الرحيم بن العراقي رضي الله عنه: اجمع التصاينف واحذف أسانيدها لكي يجتمع أحاديث كل باب منها في باب واحد من هذا المؤلف.
ثم ذكر أنه رتب هذه الزوائد على كتب أوردها ليسهل الكشف منه، وهي الكتب والأبواب المعروفة في الجوامع العامة -في الجملة- ولا تختلف عنها كثيرًا، وقال: إنه سماه بتسمية شيخه: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، وتكلم عما فيه من الاصطلاح فقال: إن ما تكلم عليه من الأحاديث من تصحيح أو تضعيف وكان من حديث صحابي واحد ثم ذكر له متنًا بنحوه فإنه يكتفي بالكلام عقيب الحديث الأول إلا أن يكون المتن الثاني أصح من الأول.
بقيت مهمتنا نحن مع هذا الكتاب، وهي بيان ما أضافه إلى المكتبة الحديثية من جديد، وما تركه من أثر في خدمة السنة المحمدية.
ونحن نرى أن هذا الكتاب ثروة ضخمة تركت لنا آلافًا مؤلفة مما لم يرد له ذكر في كتب السنة المتداولة، وأن ناحية بارزة ملموسة فيه، وهي أشياء من غرائب العلم مما ليس بمتداول في كتب السنة الأخرى التي بين أيدنا، حتى إن كثيرًا من الأحاديث الواردة فيه قد يكون لها أصل في كتب السنة المتداولة -وهو نفسه كثيرًا ما يشير إلى تلك الأصول- إلا أن هذه الأحاديث المكررة مع تلك الأصول تذكر في صور تبدو فيها تلك الغرائب، ولا سيما ما يراد منها مع ذكر مناسبة الحديث وسببه.
وناحية عظيمة لا يمكن إغفالها في تلك المناسبة -وهي أنه ليس مجرد تسمية هذه الأحاديث بالزوائد أنها مجرد زوائد على الكتب الستة نقلت من المسانيد إلى هذا الكتاب- وحسبنا ذلك إضافة إليها فهذه الزوائد ليست ليست مجرد نقل لتلك الأحاديث، ولا هي نقل لها على الترتيب الذي كانت قد وردت عليه في تلك المسانيد والمعاجم، ولا على الصفة التي كانت عليها الأحاديث في تلك المراجع فإنه يبدو أنها فيها غير مخرجة ولا مقومة.
وإن القارئ الفاضل يعلم مما أوردنا أن تلك المسانيد والمعاجم ترتب الأحاديث على ترتيب الصحابة أو الشيوخ أو نحو ذلك، مما أشرنا إليه في تصويرنا للمسانيد والمعاجم وطريقتها بعامة،