قال ... الحديث، بل إنه أحيانًا يذكر من روى عمن روى عن الصحابي كما في الحديث رقم ٤٦٢٣ وهو حديث أن هارون العطاردي حدثه١ أن أبا الأشعث حدثه أن ابن عباس حدثه أن الروح الأمين حدثه، ومثل ذلك في حديث ٤١٦٤، وواضح أن هذا خروج على المألوف فيما نسب إلى المؤلف في المقدمة.
ثانيًا: أكثرت هذه النسخة من إيراد كلمة رفعه "وصفًا للصحابي" مع التصريح بالسماع أو بكلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحوها مثل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وهذا أسلوب مستدرك؛ لأنه لا معنى للجمع بين رفعه وما بعدها على هذا الوجه، وقد نبه إلى ذلك الأستاذ المحقق في تقديمه للكتاب، غير أنه يرد التعبير أحيانًا بأسلوب صحيح ليس فيه هذا الجمع.
ومن ذلك الحديث رقم ١٠١٤ أبو سعيد رفعه:"صيام يوم عرفة بمنزلة سنتين" وواضح أن هذا التعبير يدل على أن هذا الكلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون حاجة إلى التصريح بقال أو نحوها، وهو تعبير دارج متعارف بين المحدثين.
وأيضًا الحديث رقم ١١٤٦ وهو حديث عبد الله بن عمر رفعه:"لولا ما مسه "الحجر الأسود" من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي" ومنه الحديث رقم ٢٢٢٩ وهو حديث عائشة رفعته: دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: "إني صنعت اليوم شيئًا ... " الحديث، ومن ذلك الحديث رقم ٢٢٣١ وهو حديث أم ولد شيبة رفعته:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " إلخ، وإن كان الاختصار في مثل هذا الحديث والذي قبله لا يظهر لأن كلمة "قالت" تغني عن كلمة "رفعته" وتؤدي مؤداها بالأصالة، ومن ذلك الحديث رقم ٢٩٣٨ وعبارة: أنس رفعه: "مجوس هذه الأمة وإن صاموا وصلوا" يعني القدرية.
وهذا النوع الذي نسب إلى الصحابي أنه صرح فيه بالرفع قلما يرد التعبير فيه سليمًا في هذا الكتاب.
ثالثًا: قلما تذكر النسخة المجردة تقويمًا للحديث وبيانًا لدرجته الحديثية، ونحن ننزه الإمام الحافظ شيخ الإسلام أن يكون هذا التصرف منه، ولكنه اختصار من المجردة، وهو اختصار طغى على تقدير الحديث، ونحن نعلم أن تقدير الحديث أمر له أهميته وخطره في هذا الفن بين رجال الحديث، ولا سيما في كتب الزوائد التي تكثر فيها -تبعًا لأصولها المأخوذة منها- الأحاديث الضعيفة، ويتخللها بعض الأحاديث الموضوعة، فكان لا بد من التنبيه على ذلك.
١ الضمير في حدثه الأولى هذه لا مرجع له، وأما التي بعدها فله مرجع.