للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو مثلًا في بيان اللغة تحت العنوان الأول. كيف كان بدء الوحي وما تضمنه من الآية الكريمة: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْك} يتكلم على كلمة باب، فيذكر أصله وجمعه ومؤنثه، ويذكر في "كيف" أنها من أي أنواع الكلمة، وما دليل ذلك، وكيف استعملها العرب، وفي كلمة "بدء الوحي" يتكلم على البدء ووزنه، وما أورده صاحب العباب في شأنه، ويتكلم في كلمة الوحي يذكر أصل معناها، وجمعها، وبعض ما وقعت فيه من أشعار العرب، ومن آيات القرآن الكريم والرسول، وبماذا يعرف، وما الفرق بينه وبين النبي، وغير ذلك، ما يشغل القارئ ويجعله يمل قبل أن يصل إلى مقصوده من الحديث.

ثم ينتقل إلى بيان الصرف، فيذكر أنه "كيف" لا يتصرف لأنه جامد، وأن "الوحي" مصدر أوحى، وأن الرسول صفة مشبهة، ويطيل في ذلك أيضًا.

ثم ينتقل إلى الإعراب فيذكر أن "باب" بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، ويجوز فيه التنوين وتركه للإضافة، وما ذكره بعضهم من أنه يجوز فيه الوقف، ويناقش ذلك، وما وقع في بعض الروايات من حذفه، وما إلى ذلك.

ثم ينتقل إلى المعاني فيبين أن "كيف" تتضمن معنى همزة الاستفهام، وأنه للإنكار، وأن هذا الأسلوب من أي الأنواع.

ثم ينتقل إلى: "إنا أوحينا" فيبين من أي ضروب الخبر هو، وما هي أضرب الخبر عند علماء المعاني ويستشهد من كلام عبد القاهر على ما يقول.

ثم ينتقل إلى البيان، فيذكر أن الكاف في كما أوحينا للتشبيه، ويفسر ذلك.

ثم ينتقل إلى التفسير، فيبين موضع الآية من القرآن الكريم، وسبب نزولها.

ثم ينتقل إلى سر تصدير الباب بالآية المذكورة، وما جرت به عادة البخاري من ضمه إلى الحديث ما يناسبه من القرآن أو غيره.

وهذا الأخير هو أنفع ما ينتفع به طالب الحديث ويعني بشأنه، وليس له حاجة بما قدمه من قبله.

هذا هو صنيع الإمام العيني في شرح كل حديث يورده البخاري، وليس ذلك قاصرًا على أول الباب الأول، ولكنه مطرد في الأجزاء الأولى من الكتاب -كما قلنا.

ولنضرب لك مثلًا آخر من الجزء الثاني من الكتاب:

في الحديث الثالث والثلاثين من باب الغضب في الموعظة والتعليم١، وهو قول ابن خالد الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل عن اللقطة فقال: "اعرف وكاءها -أو قال:


١ عمدة القارئ ج٢ ص١٠٧.

<<  <   >  >>