للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في موضع ترك الكلام عليه وأحال على ما تقدم، دون ذكر الموضع الذي ورد فيه فيما تقدم، على أنه قط غمط العيني بعض مزاياه حين ذكر أنه يعين بعض مواضع تخريج الحديث من الكتاب إذا تعددت طرقه وتكرر تخريجه، فإن العيني لا يقتصر على هذا القدر من الإشارة إلى ذكر الحديث في مواضع من الجامع نفسه، بل إنه يذكر من أخرجه من المحدثين غيره، كمسلم وأبي داود والترمذي وغيرهم، وهذه ناحية ملموسة واضحة، بل إنها ترد في بعض عناوينه الخاصة بهذا المعنى إذ يقول: ذكر تعدد مواضعه ومن أخرجه غيره، ويفي بذلك تحت هذا العنوان.

ونحن بدورنا نشير إلى ما سنح لنا من الصفات البارزة في هذا الكتاب، عند دراستنا لأجزاء من أوائله وأخرى من أواخره، إيثارًا للإيجاز الذي يتناسب مع منهجنا وخطتنا في البحث.

١- الكتاب في جملته مبسوط بحيث إنه يتناول كثيرًا مما لا يحتاج إليه طالب الحديث ولا سيما فيما يتعلق بالفوائد اللغوية والنحوية والبلاغية والصرفية والبيانية، وإن كان عظيم الفائدة غزير المادة في النواحي الحديثية، وفي شرح ما يحتاج إليه القارئ في استنباط الأحكام، وعرض الأسئلة والأجوبة التي تمكن المعاني في ذهن دارس الحديث، وبيان اختلاف الأئمة والعلماء من المتكلمين في العقائد والمتفقهين في الأحكام، وتفصيل مذاهب كل أولئك، وبيان وجهات كل منهم، وأدلته على ما ذهب إليه، وكثيرًا ما يرجح بعض المذاهب على بعض من وجهة نظره التي يبرزها بدليله وحجته.

٢- الواقع أن وصف الكتاب بالبسط والإطناب يتجلى في الأجزاء الأولى منه، فهو يتناول الأحاديث في تلك الأجزاء بما لا يخلو أكثره مما يأتي:

بيان مناسبة الحديث للباب الذي أورده البخاري، بيان رجاله، بيان لطائف إسناده، بيان مفردات اللغة، بيان الإعراب، بيان الصرف، بيان المعاني، بيان البيان، بيان استنباط الأحكام، الأسئلة والأجوبة، وإذا تطلب الحديث أكثر من ذلك كبيان الأسماء الخارجة عن السند وهي واردة في متن الحديث فإنه يتناولها كذلك بعنوان آخر، وكذلك إذا تطلب الحديث بيان الأنساب أو الأماكن أو غير ذلك فإنه يضع عنوانًا مناسبًا لما يتطلبه الحديث من بيان، ومن ذلك ما جاء في حديث هرقل حيث وضع فيه بيانًا بالأسماء الواقعة فيه١ وبيانًا بأسماء الأماكن فيه٢، وقد يذكر في بعض الأحاديث بيانًا بضبط الرجال، وفوائد تتعلق بهم، كما أنه يذكر بيان نوع الحديث من كونه متواترًا أو غير متواتر، غريبًا أو عزيزًا أو ما أشبه ذلك، وقد يذكر بيان سبب الحديث ومورده، وذلك كما في حديث: "إنما الأعمال بالنيات" ٣.

٣- وطريقة تناوله لتلك النواحي التي أوردنا أنه لا يكاد يغفلها في مناسباتها أنه يغلب عليه التطويل المسهب، وإن كانت هذه النواحي لا تفيد الفائدة المنشودة في بيان الحديث.


١ عمدة القارئ ج١ ص٧٩.
٢ عمدة القارئ ج١ ص٨٢.
٣ عمدة القارئ ج١ ص٢٨.

<<  <   >  >>