للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل ذلك ما أورده في حديث: "أدنى ما تقطع فيه يد السارق ثمن المجن" حيث قال:١ وعورض هذا الحديث بأحاديث: منها خير الشيخين عن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم" وخبر البيهقي عن عمر: "قيل لعائشة: ما ثمن المجن؟ قالت: ربع دينار" قال ابن عبد البر: هذا أصح حديث في الباب، قال ابن حجر: ويجمع بأنه قال أولًا: لا قطع فيما دون العشرة، ثم شرع القطع في الثلاثة فما فوقها، فزيد في تغليظ الحد كما زيد في تغليظ حد الخمر، وأما سائر الروايات فليس فيها إلا الإخبار عن فعل وقع في عهده صلى الله عليه وسلم وليس فيه تحديد النصاب، فلا ينافي رواية ابن عمر أنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وهو مع كونه حكاية فعل لا يخالف حديث عائشة أن قيمته ربع دينار، فإن ربع الدينار صرف ثلاثة دراهم، وليس المراد به مجنًا بعينه، بل الجنس وأن القطع كان يقع في كل شيء يبلغ قدر ثمن المجن فيكون نصابًا، ولا يقطع فيما دونه ... إلى آخر ما ذكره ونقله من توفيق العلماء بين الأحاديث التي يظهر فيها التعارض.

٥- يشرح تخريج الحديث وتقويمه، ويتحدث عن رجاله، ويضيف إلى التخريج جديدًا في بعض الأحيان، وذلك مثل ما صنعه في تخريج حديث: "آخر ما تكلم به إبراهيم حين ألقي في النار حسبي الله ونعم الوكيل" فإنه قال٢: "خط" في ترجمة محمد بن يزداد "عن أبي هريرة" الدوسي "وقال" أي الخطيب حديث "غريب" أي تفرد به حافظ ولم يذكره غيره، ورواه عنه أيضًا الديلمي هكذا "والمحفوظ" عند المحدثين "عن" أبي العباس عبد الله "ابن عباس" ترجمان القرآن الذي قال فيه علي كرم الله وجهه: كأنما ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق، وأخرج ابن عساكر أنه كان يسمي حكيم المعضلات، ولم يرد عن أحد من الصحابة في الفتوى أكثر منه، وعمي آخر عمره كأبيه وجده "موقوف" عليه غير مرفوع، لكن مثله لا يقال من قبل الرأي فهو في حكمه، وهذا الموقوف صحيح، فقد أخرجه البخاري في صحيحه عنه بلفظ: "كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل" وفي رواية له عنه أيضًا: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم".

ومثل ذلك حديث: "أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة" الحديث شرح تخريجه كما يأتي٣:

"حم والضياء" المقدسي في المختارة وأبو نعيم وابن أبي شيبة وغيرهم "عن سعيد بن زيد" عن عمرو بن نفيل "ت" وكذلك أحمد ولعله أغفله سهوًا وأبو نعيم في المعرفة كلهم من حديث عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه "عن" جده "عبد الرحمن بن عوف" الزهري وعبد الرحمن هذا تابعي ثقة إمام، وأبوه حميد أحد سادات التابعين ومشاهيرهم، خرج له الجماعة، قال ابن حجر: يكفي من مناقبه هذا الحديث الحسن وحده، فكيف مع كثرتها.


١ فيض القدير: ج١ ص٢٣١.
٢ فيض القدير: ج١ ص٤٤.
٣ فيض القدير: ج١ ص٩٢.

<<  <   >  >>