ثانيًا: يذكر السيوطي -بأضيق عبارة- طرق الحديث الذي يريد تخريجه وربما أخل في هذه الناحية فذكر الحديث بعنوان راويه من الصحابة فقط، مثل قوله: حديث أنس، حديث علي، حديث جابر، اعتمادًا على وروده في الأصل، وعلى متابعة القارئ له مقابلًا على الأصل المخرج عليه، ودون ذكر للباب الذي ورد فيه الحديث، مما يجعل التخريج مظلمًا لا يتبين فيه طالب الحديث سبيله إلى التعرف على الحديث المطلوب تخريجه، وهذا -ولا شك- عيب في التأليف بقدر ما فيه من فقدان الفائدة المرجوة منه، على أن السيوطي في أكثر تخريجاته يتحاشى هذا العيب فيذكر في طرف الحديث الدال عليه مرجعه ودرجته.
وهذه صور تفصل بعض ما صورناه إجمالا في هذه الفقرة من ناحيتي الاختصار والاعتدال: فمما ورد مختصرًا مع الإخلال ما يأتي:
١- في الصفحة الثالثة من الكتاب حديث:"حياتي خير لكم ومماتي خير لكم" الحارث بن أبي أسامة في مسنده من حديث بكر بن عبد الله المزني، والبزار من حديث ابن مسعود، ذكر المرجع وترك تقويم الحديث.
٢- وفي الصفحة الخامسة حديث عمر رضي الله عنه أنه قال:"بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن بعثك آخر الأنبياء" الحديث، لم يذكر المرجع ولا التقويم.
٣- وفي نفس الصفحة حديث:"لم يبعث الله نبيًّا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد" الحديث، ولم يذكر له مرجعًا ولا تخريجًا.
٤- وفي الصفحة السابعة:"أنه كان يضع يده على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان بريحها" ذكره دون مرجع ولا تقويم.
٥- وفي الصفحة الثامنة والثلاثين حديث ابن مسعود رضي الله عنه نحوه الحاكم، وحديث أنس رضي الله عنه الشيخان، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما الشيخان، وحديث ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم والترمذي، وحديث حذيفة رضي الله عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل، وحديث علي رضي الله عنه، وحديث جبير رضي الله عنه أحمد والبيهقي، وكل هذه الأحاديث لم يذكر طرفها ولم يقوم بعضها، واكتفى في بعضها الآخر بنسبته إلى مرجع صحيح مع الاختصار الواضح.
٦- وفي الصفحة الأربعين حديث بريدة البزار، وحديث جابر رضي الله عنه مسلم، وحديث علي رضي الله عنه نحوه.
وربما كان عذره في عدم ذكر طرف هذه الأحاديث أنه ذكرها تحت عنوان انقياد الشجر، وإن لم يكن له عذر في ترك التقويم، فضلًا عن هذا الضغط الشديد في التعبير.