للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا بعض ما قدم به المؤلف كتابه، ونرى من خلال مقدمته ومن دلالة الاسم الذي وضعه عنوانًا له أنه غير مختص بالتأريخ لرجال الحديث من الرواة والحفاظ والمؤلفين -وإن كان قد ذكر الكثير منهم وترجم لهم- ولكنه يؤرخ لكل من علمه في القرن التاسع من سائر العلماء والقضاة والصلحاء والرواة والأدباء والشعراء وغيرهم، في كل قطر ومصر، في الشرق وفي الغرب، بل إنه ذكر فيه من عرف بالفضل ونحوه من أهل الذمة، فلم يخص به نوعًا من الرجال دون نوع، ولا أفرد به قطرًا دون قطر، وإنما سار فيه على نهج من سبقه ممن كتب التاريخ العام للرجال، مرتبًا مادته على الحروف، تسهيلًا للكشف منه.

غير أننا في دراستنا لهذا الكتاب، واستعراضنا لبعض ما ورد فيه من تراجم، لمسنا عنايته الفائقة برجال الحديث ومن كانت له صلة منهم بفنونه المختلفة وأنواعه المتعددة، ورأيناه يبرز فيمن ترجم له منهم أهم النواحي المقصودة للدارس المتخصص في الحديث وعلومه، ويستوعب ما يعلمه من خصائصه بما لا يتوفر عند كثير من المؤلفين من غير رجال الحديث.

إنه يذكر اسم العَلَم، واسم أبيه وجده الأول، ومن عرفه من أجداده الآخرين، ويذكر لقبه وكنيته ومذهبه، والاسم الذي اشتهر به، ومحل ولادته وتاريخها، ويذكر دار إقامته، ويتتبعه في طفولته وصباه ونشأته، ويذكر شيوخه الذين تفتحت عليهم عيناه، ثم من تتلمذ عليه وأخذ عنه، ثم يذكر ما حفظه من متون العلم إبان صغره، وينوه ببحوثه وقراءته، ويورد شيوخه في هذه القراءات وتلك البحوث، والأماكن التي درس بها كل نوع من العلوم، وعلى من تلقاها من الشيوخ، ومن كان منهم أكثر ملازمة له من غيره، ويحدد الأبواب أو الأجزاء التي قرأها عليه، ومدى استفادته من ذلك، ثم يبين اتجاهه إلى الحديث وحبه له، ويؤرخ لبدء اشتغاله به، وتفرغه للبحث فيه، ومن كان من الشيوخ أستاذًا له في علوم الحديث، وما قرأه عليه من كتب، وما حمله عنه من أمالي، ثم يذكر رحلاته إلى البلاد الإسلامية طلبا للعلم، وما أفاده في هذه الرحلات من معارف، ومن لقيه فيها من الشيوخ، وما تلقاه من كل منهم من أنواع العلم، ويتصدى لبيان فضل هؤلاء الشيوخ، والعلوم التي برزوا فيها، ومن أذن له منهم في نقل الحديث وتدوينه، ثم يبين جهوده في نقل السنة رواية أو تدوينًا، ومن شهد له بالعلم من كبار الشيوخ، ويذكر تلاميذه ومدى انتفاعهم به، ويورد ما صنفه في العلوم المختلفة عامة، وما ألفه في الحديث وعلومه بوجه خاص، ويبين عددها وينوه بما يستحق التنويه به منها، ثم يؤخر وفاته ومكانها والقبور التي دفن فيها إلى غير ذلك مما يهتم به الدارسون للسنة والمتخصصون فيها.

<<  <   >  >>