بغيره، ثم أحب الحديث وتوجه لطلبه، وسمع الكثير من الكتب والأجزاء على خلق كثير كعزيز الدين المليجي وصلاح الدين البلبيسي وتقي الدين بن حاتم والشهاب المنفر والصلاح الزفتاوي وأبي الفرج بن الشيخة والتاج الصردي والشمس المطرز ومريم الأذرعية، ثم حج في سنة خمس وتسعين، وجاور بمكة فسمع من شيوخها كابن صديق وابن سكر، وسمع بالمدينة من جماعة، وأدرك بدمشق الشهاب أحمد بن العز سنة سبع وتسعين وأبا هريرة ابن الذهبي، فأكثر عنهما، وعن غيرهما، وسمع الكثير من حديث السلفي بالسماع المتصل وبالإجازة الواحدة، ثم قدم القاهرة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة فسمع بها الكثير أيضًا مرافقًا للشيخ ابن حجر، ثم رحل كثيرًا إلى الطائف والحسا والقطيف وركب البحر إلى كنباية بالهند، ثم رجع إلى هرموز، ثم جال في بلاد المشرق فدخل هراة وسمرقند، وتخرج به جماعة كابن موسى والتقي بن فهد، وحدث باليسير، وتوفي فجأة بعد خروجه من الحمام سنة إحدى وعشرين وثمانمائة١.
٦- ولي الدين أبو زرعة:
أحمد بن الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي الحافظ الفقيه ولد في ثالث ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، وأحضره والده على جماعة من الشيوخ، ورحل به إلى دمشق فأحضره بها على أعيان علمائها، وبعد أن عاد من الرحلة إلى مصر اجتهد في استيفاء شيوخ الديار المصرية، ودربه والده في الحديث وفنونه، وكذا في غيره من فقه وأصول وعربية ومعان وبيان، وبرع في جميع ذلك، وأذن له غير واحد من شيوخه بالإفتاء، فظهرت نجايته، واشتهر فضله، وباشر التدريس في حياة أبيه، ولما توجه والده إلى المدينة لتولي القضاء والخطابة قام ولده أبو زرعة بجميع وظائفة إلا مشيخة دار الحديث، فقد تولاها شيخه ابن الملقن، ثم أضيفت إليه وظائف أبيه بعد موته فزادت وجاهته، وناب في القضاء عن العماد الكركي نحو عشرين سنة، ثم ترفع عن ذلك وتفرغ للإفتاء والتدريس والتصنيف، ومن شيوخه الذين حضر عليهم أبو الحرم القلانسي والمحب أبو العباس الخلاطي وناصر الدين التونسي والشهاب أحمد بن محمد بن أبي بكر العسقلاني ابن العطار والعز بن جماعة والجمال من نباتة وخلق، وحضر بدمشق على الحافظين الشمس الحسيني والتقي بن رافع والمحدث أبي الثناء المنبجي وأبي حفص الشحطبي والشرف يعقوب الحريري والعماد محمد بن موسى بن السيرجي وابن أميلة وابن النجم وابن الهبل وابن السوقي وست العرب حفيدة الفخرين البخاري، وببيت المقدس حضر على الزفتاوي واستجاز له خلقًا كالعرضي وابن الجوخي وأبي حفص عمر بن علي بن شيخ الدولة السيوطي خاتمة أصحاب العز الحراني، وروى بالإجازة أيضًا عن العفيف، أما شيوخه في الديار المصرية فمنهم أبو البقاء السبكي والبهاء بن خليل والزين بن القاري والحراوي والبهاء بن المفسر وجويرية والباجي ثم ارتحل مع رفيق والده الحافظ نور الدين الهيثمي إلى دمشق فأخذ بها عن الحافظ أبي بكر بن المحب وابي الهول الجزري وناصر الدين بن حمزة والشمس بن الصفي الغزولي وجماعة من أصحاب التقي