للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرستاني بالأزهر، وقرأه على البدر بن نبهان، ثم لازم آخرًا الرضي الغزي، قال في الشقائق، كانت له يد طولى وسند عال في علم الحديث، ومعرفة تامة بالتواريخ والمحاضرات والقصائد والفرائد، وكان من مفردات العالم، صاحب خلق عظيم، وبشاشة وجه بسام، لطيف المحاورة، عجيب النادرة، متواضعًا متخشعًا أدبيًّا لبيبًا، ويبجل الصغير، ويوقر الكبير، وكان كريم الطبع، سخي النفس مباركًا مقبولًا، وكان بركة من الله في أرضه، شرح البخاري وأهداه إلى السلطان بايزيد فمنحه جائزة سخية، ومدرسته التي بناها بالقسطنطينية ليقرئ فيها الحديث، فلم يرض ورغب في الذهاب إلى الوطن، ثم عاد إلى القسطنطينية بعد انقضاء دولة الغوري فأقام بها، وتوفي رحمه الله سنة ثلاث وستين وتسعمائة١.

١٧- ابن حجر الهيثمي:

شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر نسبة إلى جد من أجداده -على ما قيل- كان ملازمًا للصمت فشبه بالحجر الهيثمي السعدي الأنصاري الشافعي الإمام العلامة البحر الزاخر، ولد في رجب سنة تسع وتسعمائة في محلة أبي الهيثم من إقليم الغربية بمصر ونسب إليها، ومات أبوه وهو صغير فكفله الإمامان الكاملان شمس الدين بن أبي الحمايل وشمس الدين الشناوي الذي نقله من محلة أبي الهيثم إلى مقام سيدي أحمد البدوي، فقرأ هناك في مبادئ العلوم، ثم نقله في سنة أربع وعشرين وتسعمائة إلى جامع الأزهر، وأخذ عن علماء مصر بعد أن كان قد حفظ القرآن في صغره، وممن أخذ منهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري والشيخ عبد الحق السنباطي والشمس المشهدي والشمس السمهودي والأمين الغمري والشهاب الرملي والطبلاوي وأبو الحسن البكري والشمس اللقاني الديروطي والشهاب بن النجار الحنبلي والشهاب بن الصائغ في آخرين وأذن له في الإفتاء والتدريس وعمره دون العشرين، وبرع في علوم كثيرة من التفسير والحديث والكلام والفقه أصولًا وفروعًا والفرائض والحساب، وأخذ منه من أهل الشام جماعة منهم الشهب الثلاثة الغزي والأيدوني وابن الشيخ الطيبي، وأخذ عنه مشافهة البرهان بن الأحدب وخلق لا يحصون كثرة، قال ابن العماد في الشذرات: كان شيخ الإسلام خاتمة العلماء الأعلام، بحرًا لا تدركه الدلا، إمام الحرمين كما أجمع عليه الملأ، صنف التصانيف المفيدة التي انتفع بها الخاص والعام، توفي رحمه الله في مكة في رجب سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة، ودفن بالمعلاة في تربة الطبريين٢.

١٨- الإمام الشعراني:

الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراوي الشافعي محمد بن ذوقا ولد بقرية أبي شعرة، ونشأ بها وقرأ على زين الدين المحلي، وعلى الشيخ نور الدين الجارحي المدرسي بجامع الغمري، وعلى الشيخ أمين الدين إمام جامع الغمري، قرأ عليه ما لا يحصى كثرة منها الكتب الستة، وعلى الشمس الدواخلي والنور السنهوري الضرير الإمام بجامع الأقمر،


١ الكواكب السائرة ج٢ ص١٦١، وشذرات الذهب ج٨ ص٣٣٥.
٢ شذرات الذهب ج٨ ص٣٧٠، والكواكب السائرة ج٣ ص١١١.

<<  <   >  >>