للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصح أن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس١ والحمس قريش وما ولدت، وكان سائر العرب يطوفون بالبيت عراة لاعتقادهم أن ثيابهم مدنسة، وأن ثياب قريش طاهرة، فإذا لم يعطهم الحمس ثيابا طافوا عراة، حتى نزلت الآية: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا يطوف بالبيت عريان" كما منع المشركون من دخول مكة بنزول سورة براءة.

١٦- وشرعت صلاة الكسوف في السنة العاشرة يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمش على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فادعو الله وصلوا، حتى ينكشف" [متفق عليه] .

وفي رواية بلفظ: "إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته. ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة" ثم صلى بهم جماعة صلاة الكسوف على الكيفية المذكورة في كتب السنة، وإنما قالوا: إنها كسفت لموت إبراهيم لأنها كسفت في غير يوم كسوفها المعتاد، فإن كسوفها كما قال أبو داوود كان في اليوم العاشر أو الرابع من شهر ربيع الأول، والمعتاد أن يكون كسوفها في الرابع عشر، فلذا قالوا: إنما هو لأجل هذا الخطب العظيم، فرد عليهم صلى الله عليه وسلم ذلك. وأخبرهم أن كسو الشمس وخسوف القمر علامتان من العلامات الدالة على وحدانية الله تعالى وقدرته، وعلى تخويف عباده من بأسه وسطوته: قال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} ٢.


١ الحمس: جمع أحمس، سموا حمسا لأنهم تشددوا في دينهم، والحماسة، الشجاعة.
٢- الإسراء: ٥٩.

<<  <   >  >>