للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "لحياته" مع أنهم لم يدعوا ذلك لبيان أنه لا فرق بين الأمرين، فكما أنهم لا يقولون بكسوفهما لحياة أحد كذلك لا يكسفان لموته.

ثانيا- في المعاملات:

١- كان تحريم التطفيف في الكيل والوزن من أول ما نزل في المعاملات بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: أخرج النسائي وابن ماجه عن طريق على بن الحسين بن واقد متصلا عن ابن عباس قال: "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكانوا من أخبث الناس كيلا أنزل الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِين} ١ فحسنوا الكيل بعد ذلك" والتطفيف: البخس في المكيال والميزان إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قضاهم، وبهذا فسره الحق تبارك وتعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ٢.

٢- وشرع للحاكم العادل في السنة الرابعة من الهجرة أن يقطع بعض الأفراد من الأرض الميتة والمعادن والمياه ما دامت هناك مصلحة، أما أن يقطعهم محاباة لهم بغير حق ولا مصلحة - كما يفعل بعض الحكام اليوم - فإنه جور لا يجوز.

وقد دلت الآثار على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع أقواما، وأن الخلفاء من بعده أقطعوا، ورأي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاح فيما فعل من ذلك، إذ كان فيه تأليف على الإسلام، وعمارة للأرض، وكذلك الخلفاء إنما أقطعوا من رأوا أن له غناء في الإسلام، ونكاية للعدو، ورأوا أن الأفضل ما فعلوا.

أخرج أبو داود عن ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه، فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى بسوطه فقال: أعطوه من حيث بلغ السوط"٣.


١ المطفقين: ١.
٢ المطففين: ٢، ٣.
٣ الحضر: بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة فراء: العدو. وحضر فرسه: أي قدر ما تعدو عدوة واحدة "حتى قام" أي وقف فرسه ولم يقدر أن يمشي.

<<  <   >  >>