التحريم، قال: قلت: إني أقرأ ما تقرأ أفتنكح نساءهم ونأكل طعامهم؟ قال: فأعاد على آية التحليل وآية التحريم، قال الجصاص: وهذا يعني أنه توقف.
٢- تفاوتهم في السماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم والتحري في الأخذ بالسنة، والاجتهاد في فهمها، ولذل أمثلة كثيرة منها:
أ- أن يكون الصحابي قد سمع حكما أو فتوى من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع الآخر ذلك الحديث؛ فيجتهد برأيه، وقد يوافق اجتهاده الحديث، وقد يخالفه؛ فكان حكم الاستئذان عند أبي موسى وجهله عمر، وكان حكم الجدة عند المغيرة ومحمد بن مسلمة، وجهله أبو بكر وعمر، وكان حكم أخذ الجزية من المجوس عند عبد الرحمن بن عوف وجهله جمهور من الصحابة.
إنه لما سئل أبو بكر رضي الله عنه عن ميراث الجدة قال:"مالك في كتاب الله من شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيء، ولكن أسأل الناس، فسألهم؛ فقام المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهما، فشهدا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، وقد بلغ هذه السنة عمران بن حصين رضي الله عنه أيضا. كما رواه أبو داود والترمذي من حديث قبيصة بن ذؤيب مرسلا وله طرق مرسلة منها حديث عمران بن حصين.
وكذلك عمر رضي الله عنه لم يكن يعلم سنة الاستئذان حتى أخبره بها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، واستشهد بالأنصار. رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري. ولم يكن يعلم حكم المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" رواه البخاري وأحمد, وأبو داود والترمذي والشافعي.
وقضى عمر كذلك في دية الأصابع أنها مختلفة بحسب منافعها، وقد كان عند أبي موسى وابن عباس -وهما دونه بكثير في العلم- بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هذه وهذه سواء، يعني الإبهام والخنصر". رواه البخاري وأبو داوود