للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- واجتهد عبد الله بن مسعود في المفوضة؛ فقد روى أصحاب السنن "أنه أتى عبد الله بن مسعود في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا؛ فمات قبل أن يدخل بها، فأتوا ابن مسعود فقال: التمسوا فعلكم أن تجدوا في ذلك أثرا، فأتوا ابن مسعود فقالوا: قد التمسنا فلم نجد؛ فقال ابن مسعود: أقول فيها برأيي، فإن كان صوابا فمن الله، أرى لها مثل صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منا يقال لها بروع بنت وأشق بمثل ما قلت، ففرح عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بموافقة قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم".

و"بروع" كجدول؛ فقد أفتى ابن مسعود برأيه بعد أن أعياه الوصول إلى النص، وفرح بتوفيق الله إياه حين وجد النص وفق ما رأي.

٣- وروى البيهقي في السنن الكبرى، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن عكرمة أنه قال: "أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله عن زوج وأبوين؛ فقال زيد: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وللأب بقية المال، قال عكرمة: فأتيت ابن عباس فأخبرته فقال: ارجع إليه فقل له: أفي كتاب الله ثلث ما بقي؟ وكان ابن عباس يقول: للأم الثلث كاملا؛ فقال له زيد: "إنما أقول برأيي وتقول برأيك ولا أفضل أما على أب". وفي هذا الحديث مندوحة للاختلاف في الرأي عند عدم النص.

٤- وروى ابن عبد البر في جامع بيان العلم، وأورده ابن القيم في إعلام الموقعين "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي رجلا فقال له: ما صنعت؟ فقال الرجل: قضى علي وزيد بيننا بكذا في خصومة هي كذا؛ فقال عمر: لو كنت أنا الذي يقضي فيها لقضيت فيها بكذا خلاف هذا القضاء الذي قضى به علي وزيد فقال الرجل: فما يمنعك والأمر إليك؟ قال: لو كنت أردك إلى كتاب الله أو سنة رسول الله لفعلت، ولكني أردك إلى رأيي، والرأي مشترك.

<<  <   >  >>